IMLebanon

ستيفاني صليبا ورقة “كارما” الرابحة

كتبت زينب حاوي في “الاخبار”:

ليست القصة جديدة، على شاشات السينما أو التلفزيون، في تأدية ممثل/ة لدور توأم، يتسم غالباً بالتناقض في الشخصية. وضمن حبكة معينة، تتطور الأمور ربما بينهما، فيتبادلان الأدوار والظروف الاجتماعية التي يعيشها كل منهما على حدة. لم يكن هذا التحدي الذي طرحه مسلسل «كارما» (رؤية، سيناريو وحوار سلام كسيري ومعالجة درامية لرامي كوسا ـ إخراج رودني الحداد ـ إنتاج INDIEMINDS Entertainment) على mtv. منذ أكثر من أسبوعين، وحلقات المسلسل المذكور استطاعت جذب المشاهد، من خلال اجتماع عناصر عدة كانت كفيلة بإنجاح العمل التلفزيوني. المسلسل الذي صوّر في إحدى مناطق البقاع (لم يستغلها المخرج، فالكادرات جاءت ضيقة)، يروي قصة «كريم بك» (رودني الحداد) الآتي من السلالة البكوية، لكنه لا يطيق هذا «البريستيج»، ويحظى باهتمام ومحبة أهل القرية التي بقي فيها مع ولديه، إيماناً منه بالبقاء في الأرض، ومساعدة الناس قدر الإمكان.

«كريم بك» فقد زوجته في حادث حريق في أحد الحقول. وعلى رغم تعلّقه الشديد بها، شاهدنا مرور عامين على زواجه من «هند» (ستيفاني صليبا)، المرأة الشقراء الحسناء، التي تكره حياة الأرياف، وتلحّ على زوجها كي يبيع الأرض ومصنع النبيذ، وينتقل للعيش مع عائلته في بيروت. في العمل، يعيش «كريم» صراعاً واضحاً بين الماضي والحاضر، وعادة ما يلجأ إلى مصنع النبيذ كل ليلة «ليسكر» هرباً من واقعه المرير. إلى جانب القصة المحورية، تتفرع قصص أخرى، حيث نرى الممثل المخضرم رفيق علي أحمد، بدور المغترب العائد للانتقام من والد «كريم» ويحاول استغلال ثروته لكسب تعاطف وتأييد أهل القرية، إلى جانب نسجه قصة حب مع تقلا شمعون (أوديت)، وعودته بعد سنوات إليها. هنا، كان بارزاً أداء الممثلة المخضرمة وإقناعنا بتأدية دور المرأة الصلبة، المتمسكة بأرضها، والتي لا ترضى المساومة، على بيع رزقها مهما كان الثمن. ظهرت شمعون طيلة الحلقات من دون ماكياج، ترتدي ثياباً فضفاضة وتتحرك بطريقة تكرسها فلاحةً قويةً، وامرأة تفقد القليل من الأنوثة خارج منزلها، لتستردها مع دخولها إليه.

مع تطور الأحداث، يبرز أكثر التحدي الذي نجحت فيه ستيفاني صليبا، التي تلعب دورين متناقضين في المسلسل. «هند» المرأة الطماعة والثرية، التي تعشق حياة المدن والصخب، وتكره حياة الأرياف و«مللها»، ودور «هايا» الفتاة الفقيرة البسيطة، التي تواجه ظروفاً صعبة في حياتها، وتسهم «هند» في تخريبها أكثر، كي تجبرها على الحلول مكانها في بيتها الريفي، حفاظاً على الثروة، وهروباً من زوجها، الذي لا تريد الطلاق منه في الوقت الحالي. وسط هذا الصراع، برعت صليبا في تأدية الدورين، وربما الدور الأول بشكل أكثر. «هند» المرأة المشغولة دائماً بالأزياء والماكياج الفاقع، وارتداء الثياب الفاخرة، عرفت صليبا كيف تطوّع أدواتها التمثيلية لتتقمص هذا الدور الصعب، في حركة الجسد، والكلام. وساهم في ذلك الاختيار الموفق، للثياب ونوعيتها الفاخرة (ستيليست مايا حداد)، في اختيار قطع اللانجري أو بقية الفساتين، والمجوهرات اللماعة. عرفت صليبا كيف تقنعنا بهذا الدور المركب، الذي يخفي وراءه أيضاً معاناة امرأة تربّت يتيمة وتعمل اليوم، على التمسك بالحياة الرغيدة مهما كان الثمن. على المقلب الآخر، بدت «هايا»، النسخة الأخرى من «هند» والمناقضة لها شكلاً (شعر أسود وماكياج خافت)، وحتى مضموناً، تسودها مبالغة معينة، بخصوص ما ألمّ بها من مصائب (مرض والدتها، إجبارها على ترك محل الحلوى الذي تعمل فيه، بيعها أثاث المنزل وصيغتها)، وحتى في أدائها الذي اتسم بكثير من الهدوء والاستسلام. بالطبع ستشهد الحلقات المقبلة، تصعيداً في التشويق، لا سيما مع قبول «هايا» الحلول مكان «هند» الزوجة. وعندها سنرى كيف ستدار حبكة جديدة ضمن خدعة تقوم بها صليبا ضد زوجها، حفظاً للمال والجاه.