IMLebanon

“القوات” و”التيّار” وجهاً لوجه في “اليسوعية”

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

هي معركةُ كسر عضم واستئثار في أكبر جامعة مسيحيّة في لبنان. معركةٌ أقل من إلغاء للآخر وأكثر من تثبيت وجود، هي “أم المعارك” الطالبية التي سيخوضها طلاب جامعة القديس يوسف يوم السبت، موعدٌ حدّدته إدارة الجامعة، ليس صدفة، إنما خطوة إستباقية منعاً لأي احتكاك أو “ضربة كف” بين الطلاب. منافسةٌ شرسة ينتظر نتائجها سنوياً قادة الاحزاب والسياسيون قبل الطلاب، نظراً إلى رمزية “اليسوعية” التاريخية والنضالية، وما تُشكّله من مقلع للمحازبين والمناصرين ومؤشر لقياس التحالفات السياسية. ويشكّل حزب “القوات اللبنانية” و”التيّار الوطني الحرّ” رأسيّ حربة هذه المعركة التي يزداد فتيلها تأججاً نتيجة الكباش السياسي الحاصل.

“معركة سياسية قبل ما تكون طلابية”. تكاد تكون العبارة الوحيدة التي لا ينقسم حولها طلاب جامعة القديس يوسف، لاسيما المحازبون منهم، سواء قالوها جهاراً أو في جلساتهم الخاصة. إذ يكفي مواكبة الإستعدادات المرافقة للماكينات الإنتخابية الخاصة بالأحزاب والتيّارات المُشاركة، لمعرفة “الثقل السياسي” والأهمية القصوى لها لاسيما بالنسبة إلى الأحزاب المسيحية.

“لبّ” المعركة
تدور المعركة حول 240 مقعداً تتوزع على مجمّعات “اليسوعية” وكلياتها كافة، يتنافس عليها أبرز حلفين، الأول يقوده حزب “القوات اللبنانية” ومعه “الكتائب اللبنانية” وتيّار “المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، والثاني يقوده “التيّار الوطني الحرّ”، “حزب الله”، حركة “أمل” و”المردة”.
عند التاسعة من صباح السبت، ستُفتح أقلام الإقتراع لغاية الرابعة بعد الظهر، لينتخب الطلاب في هذا اليوم الطويل مرشحيهم وفق النظام النسبي مع الصوت التفضيلي، ويتراوح عدد المقاعد بين 9 و15 مقعداً، بحسب حجم كل كلية وعدد طلابها. غالباً ما تنصبّ الأنظار إلى الكليات الكبيرة، وتحديداً إلى إدارة الاعمال (هوفلان) 15 مقعداً، والهندسة في المنصورية 15 مقعداً. وقد فاز العام الماضي تحالف “القوات” بـ8 مقاعد مقابل 7 لتحالف “التيّار” في إدارة الاعمال، أما في الهندسة 7 مقاعد للتيّار وحلفائه، مقابل 6 للقوات وحلفائه، ومقعدان للمستقلين.

“القوات اللبنانية”
بالنسبة إلى الطلاب القواتيين، “بشير واليسوعية صنوان”. ويوضح رئيس دائرة الجامعات الفرنكوفونية في حزب “القوات اللبنانية” منير طنجر في حديث لـ”لجمهورية”: “لهذه الجامعة رمزية خاصة في قلوبنا، وغالباً ما تُختصر الإنتخابات الطالبية في “اليسوعية” بالحماسة و”الطحشة” القواتية. لذا، نحن على أتمّ الإستعداد لخوض معركتنا مع الحليف “الكتائب اللبنانية”، “تياّر المستقبل” و”الإشتراكي”، مشيراً إلى “أنّ تحالفاتهم في الجامعة، غالباً ما تأتي شبيهة لتحالفات الحزب على صعيد الوطن”.
لا يخفي طنجر خشيته من مساعي البعض إستفزاز طلاب “القوات” واستحداث الفتن، قائلاً: “خصمُنا يُدرك كم تمثّل لنا هذه الجامعة من رمزية ونضال تاريخي خضناه في وجه الاحتلال السوري، لذا يسعى الى استفزازنا وتشويه صورتنا بشتى الوسائل، من التلاعب بشعارنا الخاص بالانتخابات “اليسوعية بحاجة إلك لبّي النداء” الذي يحمل صورة الشيخ بشير موجهاً إصبعه، إلى غيرها من الأمور الأكبر”. ويضيف متوجهاً إلى زملائه: “الإستحقاق السبت هو أشبه بحاجة ونداء وطني للمشاركة في عرس الديمقراطية ولاختيار الأفضل لتمثيل الطلاب وخدمتهم”.

“التيّار الوطني الحرّ”
رغم أنّ “التيّار الوطني الحرّ” فاز “25 مرّة من أصل 27 معركة طالبية في كلية الهندسة”، إلاّ أنّ عين العونيين على “هوفلان”. يقول مسؤول مكتب الجامعات الخاصة في “التياّر الوطني الحرّ” مارك خوري: “إنها تعني لنا الكثير تاريخياً، ورغم أننا لم نربح فيها منذ نحو 6 سنوات، إلّا أننا عملنا على تقليص الفارق ونجحنا”، مشيراً إلى أنّ “المعارك في “اليسوعية” من أبرز المعارك الطالبية ذات الطابع السياسي، مقارنة مع الجامعات الاخرى”. ويوضح في حديث لـ”الجمهورية”: “نخوض معركتنا في كل الكليات إلى جانب الحليف الدائم “حزب الله” ومعنا حركة “أمل”، “الطاشناق” و”المردة”. ووفق كل كلية وضعنا مشاريعنا الإنتخابية، تحت عنوان عريض “المستقبل لنا”.
يصعب على خوري معرفة من سيكون الفائز الأكبر، “لأنّها المرّة الأولى التي ستُقام فيها الإنتخابات يوم السبت، ولا نملك تصوراً عن نسبة الإقبال”. وأسف خوري لمحاولة مناصري “القوات” “إستثمار استشهاد رئيس الجمهورية بشير الجميّل، محاولين الإستفادة لاستمالة الطلاب وتجييش الأصوات”.

تيّار “المستقبل”
من جهته، يؤكّد مسؤول الجامعات الخاصة في تيّار “المستقبل” بكر حلاوي “خوض التيّار الأزرق معركته ضمن الحلف نفسه منذ 10 سنوات مع “القوات اللبنانية”. ويقول في حديث لـ”الجمهورية”: “لا أحد ينكر أنّ الوضع “حامي”، نظراً إلى أنّ الإنتخابات الطالبية في “اليسوعية” غالباً ما تترافق مع سجال بين الطلاب. والمؤسف أنها تأخذ طابعاً طائفياً”.
أما بالنسبة إلى مشاريعهم الإنتخابية، فيوضح: “نسعى لإشراك الإدارة أكثر في تمويل مشاريع خاصة بالطلاب، لم تكن لتفكر في دعمها من قبل”. ويضيف: “صحيح أنّ إدارة الأعمال غالباً ما تكون من حصتنا، ولكن لنعترف أننا نعمل جاهدين للحفاظ على هذا الفوز”، مشيراً إلى “أنّهم يعملون بأكثر من طاقتهم نظراً إلى انّ الفوز بفارق مقعد يبقي جزءاً من المجلس مشلولاً، على اعتبار “8 من يلي بيربحوا بيشتغلوا و7 بيتفرجوا”.

حركة “أمل”
لا يدّعي مسؤول مكتب الشباب والرياضة في حركة “أمل” الدكتور علي ياسين، “أنّ المعارك الطالبية في اليسوعية أشبه بنزهة، ولكن، “في بعض الكليات فزنا بالتزكية نتيجة ثقة الطلاب بمرشحينا، ضمن حلفنا مع “التيار الوطني الحر” والاخوة في “حزب الله”. ويضيف في حديث لـ”الجمهورية”: “المعركة في “هوفلان على المنخار، وليس بوسع أحد حسمها، نتيجة التجربة الأولى التي نخوضها، في يوم يغيب فيه الحضور والصفوف، لذا، المعركة ستكون مزدوجة والمنافسة على أشدّها”.
يحرص ياسين على التأكيد “انّ تحالف شباب “أمل” مع التيّار البرتقالي لا يعني أنّ لديهم مشكلة مع الأحزاب الأخرى مثل “القوات” و”المستقبل”، “على العكس نخوض المعركة بكل شفافية”.

“التقدمي الاشتراكي”
الحزب “التقدمي الاشتراكي” الذي عاد إلى المشاركة في الإنتخابات الطالبية هذا العام، يخوض معاركه في “اليسوعية” إلى جانب “القوات” و”المستقبل”. في هذا الإطار، يقول أمين عام منظمة شباب “التقدمي الاشتراكي” محمد منصور: “نحن لا نفرّق بين جامعة وأخرى، كل ما في الأمر، اننا أردنا المشاركة بناءً على خدمة الطالب وليس لغايات سياسية، وأياً يكن الرابح أو الخاسر، يجب التعاون لإنجاح المجلس الطلابي”.
ويتوقف منصور في حديث لـ”الجمهورية” عند عينة من المشاريع التي تهمّ الطالب، فيقول: “الزيادات على الأقساط، تحسين البنى التحتية والتجهيزات في بعض الكليات، بالإضافة إلى طرح مشكلة المواد التي تُدرّس وتُعطى في فصول محددة ما يؤخّر تخرّج الطالب”. ويضيف: “رغبة في خدمة الطالب سنتعامل مع كل كلية بحسب خصوصيتها والإحتياجات التي تنقصها”.

الإدارة: “أكتر من هيك شوفي؟”
“الجامعة على مسافة واحدة من الجميع”. بنبرة حاسمة، يختصر أمين عام جامعة القديس يوسف فؤاد مارون موقف إدارة الجامعة من الإنتخابات الطالبية وما يُرافقها من سجالات. ويوضح في حديث لـ”الجمهورية”، التدابير الإحترازية الجديدة التي اتخذتها الإدارة، قائلاً: “الإنتخابات إستحقاق طالبي نشجع عليه تكريساً لروح الديمقراطية واستكمالاً لأهداف منهجنا التربوي، لا ننظر إليه من منحى سياسي، لذا مواكبة لهذا الاستحقاق، إخترنا أن يكون في يوم هادئ، لا تدريس، يحضر الطالب ليدلي بصوته بعد أن يُبرز بطاقته الجامعية، مبقياً هاتفه الخلوي خارج غرف الإقتراع. وما أن ينتهي يعود أدراجه بعيداً من أي تجمعات في بهو أو محيط الجامعة لأنها ممنوعة. وسنفتح أبواب الجامعة فقط للإقتراع إلى حين إصدار النتائج في كبسة زر إلكترونياً بهدوء”.