IMLebanon

الحكومة الجديدة أُنجزت و”الولادة” خلال ساعات

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: .. كأنّها وُلدتْ. هكذا بدتْ الأجواء أمس في بيروت التي بدأت تتحضّر لـ «مراسِم» تشكيل الحكومة الجديدة وصدور مراسيمها مساء اليوم أو غداً لتُسدل الستارة على مخاضٍ عسيرٍ امتدّ 5 أشهرٍ ونيف شهدتْ مناوراتٍ و«كمائنَ» ومبادراتٍ وهبّات باردة وساخنة وسلسلةَ مواعيد افتراضية تهاوتْ الواحدة تلو الأخرى تحت وطأة صراع الأحجام والأوزان على تشكيلةٍ ثلاثينية واكَبَ الخارج «هنْدساتها» وتَوازُناتها لارتباطها بموقع لبنان في ظلّ صراع النفوذ في المنطقة وكونها مرآةً لموازين قوى يختلط فيها المحلي بالاقليمي.

وتقاطعتْ مجموعة مؤشرات أمس عند تأكيد أن حكومة الرئيس سعد الحريري، التي تحمل الرقم 75 منذ استقلال لبنان، باتت بحكم المُنْجزة ولم يعد ينقص إعلانها إلا «روْتشة» صغيرة، لتبدو البلاد عشية الذكرى الثانية لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية (31 الجاري) وكأنّها أمام ورشةٍ مضنية تتشابك فيها الأزمات الموروثة وتحديات النهوض الاقتصادي – المالي مع وقائع إقليمية صاخبة يجد لبنان نفسه «في مرماها» من بوابة رزمة العقوبات الأميركية الجديدة على «حزب الله» والتي تشكل جزءاً من المواجهة الكبرى التي أعلنتْها واشنطن ضدّ إيران والتي تبلغ مداها مع العقوبات الأقسى ابتداءً من 4 نوفمبر المقبل.

وشكّلت إطلالة الرئيس الحريري عصر أمس بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري الإشارة الأقوى الى أن الحكومة دخلت «غرفة الولادة»، إذ أعلن انه لم يعد أمامها إلا «عقبة صغيرة نعمل على حلّها، وسأسعى لأن يحصل التشكيل مطلع الأسبوع»، كاشفاً أنه يغادر اليوم الى الأردن بسبب حالة وفاة عائلية على أن يعود مساء اليوم نفسه.

وحرص الرئيس المكلف على تأكيد ان الهنْدسة التي رستْ عليها التشكيلة التي ستُعلن «لا مُنتصر فيها ولا خاسر، فالجميع ضحّوا لمصلحة البلد وربما البعض ضحى أكثر»، مؤكداً «ان إصرارنا على حكومة وفاق وطني تضمّ كل الأفرقاء مردّه الى رغبتنا في التصدي للتحديات التي نواجهها، الاقليمية والداخلية والاقتصادية»، ومشدداً على «ان التأليف شيء والأهمّ تآلف الحكومة لمواجهة التحديات، والحكومة ستتشكّل خلال الأيام المقبلة».

وفيما بات تَصاُعد «الدخان الأبيض» مسألة ساعات لا أكثر، فإن يوم أمس شهد اتصالات ولقاءات مكثفة لاستكمال تركيب «البازل الحكومي» وخصوصاً لجهة حصة حزب «القوات اللبنانية» وتمثيله بشكل وازن يُرْضيه، وهو ما أصرّ عليه الحريري انطلاقاً من حرْصه على حكومةٍ متوازنة وبمعايير التسوية السياسية التي كانت أفضتْ الى انتخاب عون قبل عامين بما يُطَمئن المجتمعين العربي والدولي المتحفزيْن لمساعدة لبنان على الخروج من «الحفرة» الاقتصادية – المالية عبر ترجمة مقررات مؤتمر «سيدر».

وفي حين أشارت مصادر عدة الى محاولاتٍ كانت تجري أمس لإجراء «مبادلة ربع الساعة الأخير» بما يوفّر حقيبةً وازنة لـ «القوات» تحت سقف حصتها الوزارية الرباعية، رجّحتْ أوساط متابعة لمسار التأليف ان ترسو هذه الحصة على حقائب الاقتصاد والشؤون الاجتماعية والثقافة مع منصب نائب رئيس الحكومة، بعدما استُبعد إمكان حصولها على حقيبة الزراعة التي تَمَسّك بها بري.

وتأتي حقيبة الاقتصاد، التي كانتْ من حصة «التيار الوطني الحر» (حزب عون) الذي كان من المتوقّع أن يعطي موافقته الرسمية على التخلي عنها في لقاءٍ بين الحريري والوزير جبران باسيل، بديلاً من العمل. وقد فضّلتْ «القوات» الحصول عليها باعتبارها على تماسٍ مباشر مع موجبات مؤتمر «سيدر» ولامتلاك الحزب خطة اقتصادية سبق ان طرح عناوينها العريضة وتوّجت ورشةً بعيدة عن الأضواء نظّمها بمشاركة خبراء واختصاصيين وخلصت إلى تحديد «خريطة طريق» لخروج سريع من المأزق الاقتصادي – المالي.

وترافقتْ اندفاعة الأمتار الأخيرة مع موقفين لافتيْن، الأول من السفير الإماراتي حمد بن سعيد الشامسي الذي أكّد «أن العلاقة ستبقى قوية مع لبنان، وخصوصاً أن الرئيس الحريري على رأس الحكومة اللبنانية التي نستبشر خيراً في تشكيلها»، والثاني من القائم بالأعمال السعودي الوزير المفوض وليد البخاري الذي أعرب عن اعتقاده أنه «آن أوان تشكيل الحكومة بشكل موازن كي تبدأ الدول الداعمة والصديقة للبنان البدء بتنفيذ المشاريع التي تكفل الحفاظ على اقتصاد البلد وازدهاره».