IMLebanon

“حزب الله”… فاخوري الحكومة (بقلم رولا حداد)

قد تولد الحكومة خلال كتابة هذه السطور، أو بعدها بساعات أو بأيام أو بأسابيع. وحده الله يدري، وربما… “حزب الله”. ففي عزّ التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة خرج أولاً السيد حسن نصرالله ليطلب من جميع القوى التروّي وعدم تحديد مواعيد، قبل أن تعود مصادر “حزب الله” بعد أسبوع لتخرج وتؤكد أنه، ورغم الأجواء التفاؤلية لا حكومة قريباً، رغم كل أجواء رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف التي كانت تتحدث عن إمكان ولادة الحكومة خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما أوحى وكأن موعد الولادة هو بيد “حزب الله” حصراً لا غير!

بعيداً من المواعيد المرتقبة تتالياً منذ عيد الفطر ثم عيد الأضحى، مروراً بمهلتي الأول من أيلول التي تحدث عنها رئيس الجمهورية ومن ثم الأيام العشرة التي حددها الرئيس المكلف، وصولاً الى الحديث عن ضرورة استيلاد الحكومة قبل بدء السنة الرئاسية الثالثة، برز “حزب الله” كصاحب “رغبات” حاسمة في موضوع الحقائب الوزارية. فمنذ اليوم الأول حسم الحزب نيته في تولّي حقيبة الصحة، رغم كل المخاطر التي قد تنجم عن الاعتراضات الدولية والأميركية تحديداً عن هذا القرار. لم يكن بمقدور أحد في لبنان الاعتراض، ولم تنجح المحاولات الخجولة للحديث عن طرح حقيبتي الصحة والأشغال بين الحزب وحلفائه اللصيقين “المردة”، لا بل إن كل المحاولات فشلت لانتزاع “الأشغال” من “المردة” الذين لا يحقّ لهم بها وفق منطق “وحدة المعايير”، وذلك فقط لأن الحزب حسمها لحليفه، “والسيد نصرالله هو من يعطي ويأخذ” كما أكد الوزير السابق سليمان فرنجية!

وكما أعطى فرنجية حقيبة الأشغال الوازنة والتي كان يُفترض أن تعود الى “القوات” التي لديها ثاني أكبر تكتل نيابي، يريد الحزب أن يعطي تمثيلاً وزارياً للنواب السُنّة خارج تيار المستقبل، رغم أنهم يتمثلون في كتلهم التي ينتمون إليها. ولم يكتفِ بـ”الإعطاء”، بل وضع فيتو، ولو بشكل غير مباشر، على تولّي “القوات اللبنانية” أياً من حقيبتي الدفاع أو الخارجية، في حين يمسك بـ”المالية” عبر حليفته “حركة أمل”، وكما كان في السابق وضع فيتو على اسم اللواء أشرف ريفي في وزارة الداخلية!

أما الطريف في الموضوع فهو حين يتحدّث “حزب الله” ببراءة عن أنه ممثل بأقل من حجمه، وبأن لا فرق في الحقائب فالمهم المشاركة في القرار السياسي، في حين أنه أصرّ على حقيبة الصحة وتحكّم بشكل غير مباشر بالعديد من الحقائب، مستنداً إلى وهج سلاحه وليس إلى حجمه النيابي (13 نائباً) والذي يسمح له في أفضل الأحوال المفاوضة على حصته وحقائبه كبقية الأطراف وليس بفرض حقائب له ولغيره أو بمنعها عن غيره!

هكذا، وبعيداً من الحصص التفصيلية، يبدو “حزب الله” ممسكاً بمفاصل الحكومة الأساسية وبتوازناتها، بعيداً من صراعات الأطراف على فتات ما تبقّى من حقائب. فقد أثبت الواقع المرير والمأزوم للبنان أن من يمسك بزمام التأليف ليس رئيسا الحكومة والجمهورية، بل “مرشد الجمهورية” الذي يضع المعايير الفعلية ويترك لغيره مهمة إدارة التفاصيل الصغرى. وهكذا أثبت “حزب الله” أنه، وبعد أن أمسك بزمام الأكثرية النيابية في مجلس النواب، بات يسيطر على الحكومة بأكثريتها وحقائبها التي تحكم الأمن والقضاء والسياسة الخارجية والدفاعية والمالية، ما يجعل الأفرقاء الآخرين يشكلون الغطاء المطلوب لحكومة هي في العمق “حكومة حزب الله” بامتياز مهما كابر المكابرون.

يبقى أن يفرض “حزب الله” أجندته السياسة على جدول أعمال الحكومة، بدءًا بملف العلاقات اللبنانية- السورية والنازحين السوريين وصولاً إلى كيفية التحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على “حزب الله” وإيران لتكتمل صورة الوصاية الإيرانية على لبنان!