IMLebanon

“العقدة السنية” وخلفياتها… عُمق إقليمي أو مسألة مبدئية؟

قالت مصادر سياسية مراقبة لـ«الجمهورية» انها أجرت قراءتين في مشهد العقدة السنية وخلفياتها: الاولى هي أنّ كل ما قيل عن أنّ العقدة السنية موجودة وانّ «حزب الله» أبلغ موقفه في شأنها منذ اللحظة الاولى هو كلام غير دقيق، فالعمل كان جارياً على تذليل العقد بالتوازي، أي عقدة بعد أخرى، من الدرزية الى المسيحية. وبالتالي، حُسم الموضوع منذ اللحظة الاولى، وسادَ انطباع أنّ العقدة السنية غير موجودة، وانّ «حزب الله» يكتفي بوصول هذه الكتلة النيابية الى المجلس ولن يدخل في مواجهة من اجل توزيرها.

وبالتالي، كانت المطالبات العلنية بتوزيرها من باب رفع العتب ليس إلّا. وإنّ التزامن بين إثارة العقدة الدرزية وانتهاء العقدة المسيحية يثير تساؤلات وشكوكاً عمّا اذا كانت الغاية هي عدم التأليف، وانّ هناك من يريد الانتظار لأنّ «الحزب» يحتاج لانتظار تطورات خارجية قبل ذهابه الى توازنات حكومية تحكم المشهد السياسي لـ 4 سنوات مقبلة، ولذلك يحتاج لمعرفة ما ستسفر عنه الانتخابات النصفية الاميركية، وطريقة امتصاص إيران للعقوبات، وعدم تأثير السعودية في الملفات الاقليمية انطلاقاً من إعطاء الاولوية لملفاتها الداخلية، والى ما هنالك من أمور. ولذلك، اذا لم تؤلّف الحكومة في اليومين المقبلين، تكون البلاد امام عقدة جديدة هي بعمق إقليمي واضح، خلافاً للعقد الأخرى».

الثلث المعطّل

امّا القراءة الثانية فتقول انه في حال لم تكن العقدة السنية بعمق إقليمي، فواضح انّ الضغط الحاصل يستهدف بالمباشر رئيس الجمهورية لأنه كان يريد حكومة قبل 31 تشرين المنصرم، أي أمس، الأمر الذي لم يتحقق.

وبالتالي، فإنّ كل الضغط المُمارَس حالياً غايته دفع عون الى توزير سنّي من 8 آذار ضمن حصته، وعبّر «حزب الله» وسنّة 8 آذار عن أن لا مشكلة لديهم في أن يكون هذا من حصة رئيس الجمهورية، فالمهم هو أن يتمثّلوا في الحكومة، خصوصاً أنّ الحزب يعلم انّ الرئيس المكلف رفع «لا» كبيرة جداً إزاء توزير سنّي من خارج تيار «المستقبل».

ومعلوم أنّ الحريري لا يمكن استبداله، وهو ينطلق من مرتكزات قوية: مرتكزات رؤساء الحكومات السابقين، مرتكزات سنية لبنانية، مرتكزات سعودية ودولية، حاجة إقتصادية كبرى (قرارات مؤتمر «سيدر»)، وغيرها.

وبالتالي، فإنّ كل هذا الضغط الذي يمارَس في هذه اللحظة، يُعتبَر انطلاقاً من إدراك «حزب الله» المُسبق بأنّ رئيس الجمهورية يمكنه توزير سنّي من 8 آذار من حصته، والهدف من ذلك قطع الطريق أمام إمكانية أن تكون حصة رئيس الجمهورية ضمن ثلث معطّل. فمنذ اللحظة الاولى ساد الخوف من ان يكون هذا الثلث في يد الوزير جبران باسيل، خصوصاً بعد تراجع وليد جنبلاط عن الوزير الدرزي الثالث، والحديث عن إمكان ان يختاره عون من لائحة الاسماء التي قدّمها الوزير طلال ارسلان.

ولذلك، فإنّ إدخال وزير سني من 8 آذار في حصة عون يعطّل هذا الامر بجعل حجمها 10 وزراء. ولا شك في انّ الحزب يخشى في المرحلة المقبلة من الّا يكون باسيل في حاجة إليه عملياً عندما يكون لديه ثلث معطّل، وهذه هي المرة الاولى التي يكون فيها لفريق واحد ثلث معطل من دون حاجة الى أفرقاء آخرين، فيما على كل القوى السياسية عادة ان تأتلف بعضها مع بعض لتكوّن الثلث المعطّل.

وبالتالي، للمرة الاولى يكون طرف سياسي لديه هذا الثلث الذي يخشاه الحزب، وواضح انّ الجزء الأكبر من المعركة السائدة يدور حول هذا العنوان».

مسألة مبدئية

وقالت مصادر مطلعة انّ مسألة تمثيل نواب سنّة المعارضة هي مسألة مبدئية وعملية بالنسبة الى حلفائهم، خصوصاً بعدما تناهى لهم وجود بعض الخشية عند هؤلاء النواب من ان تكون المطالبة بتمثيلهم مناورة، لأنّ الحلفاء لا يريدون الضغط على الحريري بل يريدون إراحته وتسهيل مهمته.

وأكدت هذه المصادر انّ إعلان الامين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، في خطابه الأخير، التمَسّك بتمثيل هؤلاء النواب كان مقصوداً، لا بل كان بمثابة «أمر عمليات» لجميع الحلفاء للعمل في هذا الاتجاه، وقد وضع هذا الاعلان صدقية هؤلاء على المحك تجاه النواب السنة المستقلين خصوصاً والرأي العام عموماً.