IMLebanon

شماس: أموال “سيدر” غير مضمونة

كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:

أطلق رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، بالتعاون مع القطاع الخاص، حملة استهلاك وطنية للتسوّق داخل لبنان في العامين المقبلين، إنقاذاً للاقتصاد اللبناني. على أن يواكب القطاع التجاري هذه الحملة بأسعار مدروسة وعروضات مغرية، تستقر بعدها بنية الأسعار على مستويات مقبولة.

وأشار رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الى انّ للاقتصاد الوطني 4 محركات:

  • الإستثمار الخاص: وهو معطّل منذ سنوات لأنّ النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص الى انحدار، خصوصاً بعد الأزمة السورية. وبالتالي، فإنّ مردود اي استثمار يأتي ضعيفاً، لا بل هناك تقلّص في الاستثمارات، ناهيك عن انّ بعض المؤسسات يقفل والرأسمال الثابت في القطاع الخاص يتقلّص

 

  • الإستثمار العام: وهو مغيّب منذ أكثر من 12 عاماً بسبب غياب الموازنات سنوات عدة، وتخصيص جزء يسير للانفاق الاستثماري، وكان يُستعاض عنه بصيانة لِما تبقّى من بنى تحتية مستهلكة.

 

  • التصدير: ولقد تراجع بسبب معوقات بنيوية تعود الى ضعف القدرة التنافسية في لبنان، منها ظرفية بسبب الحرب، ومنها موضعية لوجستية.

 

هذه المحركات الثلاثة متوقفة، يبقى انّ المحرك الرابع هو الأنجع والافضل وهو الاستهلاك. مقارنة بالصين، يمثّل الاستهلاك 40 في المئة من الناتج القائم، في فرنسا 55 في المئة، في اميركا 70 في المئة، بينما في لبنان يصل الاستهلاك الخاص الى 85 في المئة، وإذا أضفنا إليه الاستهلاك العام نصل الى حدود الـ100 في المئة، وإنّ ضخامة الكتلة الاستهلاكية في البلد تدفعنا الى التعويل على هذا المحرك.

ورأى شماس انّ أموال مؤتمر «سيدر» غير مضمونة، خصوصاً انّ الاستفادة من هذه الاموال مشروطة وتتطلب إصلاحات ومراقبة على تنفيذ المشاريع، ما يعني انّ هذه الاموال ستأتي «بالقطّارة». وبالتالي، فإنّ أموال «سيدر» لن تَفي بالغرض المطلوب لأننا بحاجة الى جرعة كبيرة من الدعم والاموال لإتمام عملية الانقاذ، ما يعني أنّ «سيدر» غير مضمون النتائج. بينما العمل على المحرّك الرابع، أي تحريك الاستهلاك، فهو مضمون 100 في المئة.

وتابع: انّ العملية الاستهلاكية، بحسب علم الاقتصاد، هي أسرع بكثير من العملية الاستثمارية. وبالتالي، انّ المفاعيل الايجابية للاستهلاك تنعكس سريعاً على النمو الاقتصادي وعلى الدورة الاقتصادية.

بناء عليه، لفتَ شماس الى انه الى حين ظهور مفاعيل «سيدر»، وبدء عملية إعادة إعمار سوريا، واستخراج النفط والغاز، يبقى التحدي الرئيسي أمامنا السنتين المقبلتين. لذا، أقترح العمل خلال هذه الفترة على إعادة إحياء النمو في الوضع الاقتصادي، من خلال تفعيل الاستهلاك.

وأشار شماس الى اننا نعيش اليوم ظاهرة بغاية الخطورة، إذ واستنادا الى أرقام «غلوبل بلو» عن العام 2017، تصل نفقات السيّاح الأجانب في المتاجر اللبنانية الى 3,5 مليارات دولار. لكنّ المفارقة انّ نفقات السيّاح اللبنانيين في المتاجر الخارجية هي 5,5 مليارات دولار، ما يعني أننا أمام واقع اقتصادي خطير، فالسائح يتبضّع من لبنان بينما اللبناني يشتري حاجيّاته من الخارج، ما يخلق خللاً في الميزان السياحي التجاري اللبناني بما قيمته حوالى ملياري دولار، وقد يصل هذا الخلل الى 5 مليارات دولار، لأنّ هذه القيمة لم تحتسب ما يصرفة اللبناني في الخارج على المطاعم والفنادق والنقل والخدمات التجارية الاخرى… ولم تحتسب ايضاً تملّك اللبنانيين لشقق في الخارج، كما انّ «غلوبل بلو» لم تحتسب انّ غالبية اللبنانيين يملكون جنسية أخرى يستعملونها في السفر، وبالتالي لم تسجّل مشترياتهم على انهم لبنانيون ما يرفع الفارق في الميزان التجاري السياحي الى حوالى 5 مليارات دولار.

وقال شماس: يجب العمل اليوم على تقليص إنفاق اللبنانيين في الخارج وتحويله الى السوق اللبناني، أي المطلوب على الاقل تحويل مليار ونص دولار من المشتريات من الخارج الى السوق اللبناني. «سيدر» يتحدث عن إعطائنا 12 مليار دولار خلال 8 سنوات، بينما نحن، ومن خلال تشجيع الاستهلاك المحلي، بإمكاننا تحصيل مليار ونصف مليار دولار في السنة، بدءاً من الآن، وهذه الخطوة كفيلة بتغيير المشهد الاقتصادي كليّاً وبوقت قصير.

وأعطى مثالاً على ذلك أزمة الليرة التركية وتراجع قيمتها، لافتاً الى انّ السيّاح اللبنانيين ساهموا في حل الازمة الاقتصادية في تركيا على حساب الاقتصاد اللبناني.

وردّاً على سؤال، عَزا شماس ارتفاع الاسعار في لبنان مقارنة مع بقية البلدان الى أسباب عدة، قائلاً: إنّ اي تاجر او مطعم لبناني يسعى الى رفع حجم أعماله ورفع الهوامش التجارية. لكن، وللأسف هذان العملان تراجعا. في المقابل هناك 3 عوامل ارتفعت بدل ان تتدنّى، هي: الأعباء التشغيلية والضرائب والفوائد.

وبالنتيجة انّ هذه العوامل الخمسة تسير بعكس اتجاهها الصحيح، ما جعل الكلفة التشغيلية لكل مؤسسة، أكانت سياحية او تجارية او ترفيهية، مرتفعة، وذلك بسبب انخفاض المبيعات وزيادة الاعباء ما انعكس زيادة على الاسعار.

وقال: كلما تسوّق اللبناني في الخارج كلما ساهم بارتفاع الاسعار في الداخل، وكلما تسوق في الداخل كلما ساهم في انخفاض الاسعار. فالاقتصاد بمثابة سلسلة مكونة من عدة حلقات، فإذا سقط التاجر اليوم سيسقط الصناعي غداً، ثم المهندس والمحامي… واذا استمرّ استهلاكنا من الخارج مرتفعاً سيسير الاقتصاد نحو الانهيار، وستنعدم القدرة الشرائية. لذا، نحن نُطلق اليوم ما يشبه الصرخة الوطنية او حملة استهلاك وطنية للتسوق داخل لبنان في العامين المقبلين، وعلى الكل ان يعطي من نفسه إنقاذاً للاقتصاد.

ورأى شماس انّ الحكومة الجديدة مطالبة بإطلاق هذه الحملة الوطنية بالتعاون مع القطاع الخاص، الممثّل بالهيئات الاقتصادية. ولفتَ الى انّ على القطاع التجاري أن يواكب هذه الحملة بأسعار مدروسة وعروضات مغرية، على أن تستقرّ بنية الاسعار بعد نهاية السنتين بمستويات مقبولة وأدنى من المعمول بها حالياً، بحيث أنه بعد إجراء التصحيح الهيكلي المَرجو في المعادلة التجارية، ستَرسو بنية الأسعار حتماً عند مستويات أدنى وملائمة للمستهلك اللبناني.