IMLebanon

تشكيل الحكومة: لا صوت يعلو فوق العقوبات

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

على وهج دخول العالم في «زمن» العقوبات الأميركية الأقسى على إيران الرامية الى «تقليم أظافرها» إقليمياً ونزْع «أنيابها» التي تشكّلها منظومة صواريخها البالستية و«ليّ أذرعها» في المنطقة وأبرزها «حزب الله»، ازدادتْ مؤشرات عودة ملف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان الى «قاعة انتظارٍ» طويل ومزدوج لما سيسفر عنه تَصاعُد عملية «عضّ الأصابع» الداخلية حيال «عقدة حزب الله» الذي أوقف «عربة التأليف» في الأمتار الأخيرة بذريعة توزير حلفائه السنّة، كما لمآل «الصدمة الأولى» بعد «الاصطدام» الأميركي – الإيراني.

وفيما يحاول الحزب «تأطير» عقدة تمثيل السنّة الموالين له في الحكومة بحيث «يخبئ» طابعها المذهبي وفي الوقت نفسه «يُخْفي» كونها تحوّلت مواجهة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي وقف في «الخندق نفسه» مع الرئيس المكلف سعد الحريري برفْض توزير هؤلاء «وإضعاف رئيس الوزراء»، فإن هذا «الفتيل» الذي «تتطاير شظاياه» في اتجاهاتٍ عدة بدأ يرسّخ اقتناعَ أوساطٍ مطلعة بأنّ «وراء الأكمة» أهدافاً كبرى تراوح بين حديْن يتقاطع فيهما المحلي بالاقليمي وهما، كسْر الحريري داخل البيت السني بما يعنيه ذلك من ضرْب للتوازنات الداخلية وبامتدادها الخارجي، ووضْع تشكيل الحكومة في «الإقامة الجبرية» الى أجَل غير مسمى.

ولم يكن عادياً أمس، بروز إشارات واضحة إلى أن الحريري، الذي اتّخذ قراراً لا رجوع عنه بعدم تمكين «حزب الله» من ان يتحوّل «شريكاً مُضارِباً» داخل البيئة السنية وعدم توقيع مرسوم أي حكومة تتضمن اسماً من حلفائه السنّة، ماضٍ في «معركته»، وهو رَفَعَ سقف «هجومه الدفاعي» من خلال ما يشبه «الاعتكاف» في باريس التي انتقل اليها قبل 5 أيام، وسط تقارير لم تستبعد ان يبقى فيها أقلّه حتى 11 نوفمبر الجاري، موعد إحياء الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى وافتتاح منتدى باريس للسلام (وُجهت دعوة اليه لحضور المناسبة).

وبدا واضحاً أن الحريري، الذي يَعتبر أنه قام بِما عليه لجهة تذليل ما كان يعترض ولادة الحكومة ولم يعد لديه ما يقدّمه، يحرص على ان يتابع عن بُعد مجريات الوضع الداخلي سواء بالنسبة الى الملفّ الحكومي أو لعناوين حياتية مثل شبح العتمة التي كادت أن «تطْبق» على لبنان والتي أفْلت منها باتصالات أجراها الرئيس المكلف مع الجانب الجزائري وأفضتْ الى قرار تفريغ حمولتي الباخرتين الجزائريين لمصلحة شركة كهرباء لبنان (على ان يُصرف ثمن الفيول بعد تغطية الاعتمادات اللازمة بقانون في البرلمان)، وهو ما أبلغه الحريري الى رئيس الجمهورية في اتصال أجراه به صباح أمس.

وإذ اعتُبر تحديد رئيس البرلمان نبيه بري يوميْ 12 و 13 الجاري موعداً لجلسة تشريعية لمجلس النواب مؤشراً إضافياً إلى أن أي جديد لن يطرأ قريباً على صعيد كسْر المراوحة في دائرة العقدة المستجدّة، استوقف دوائر مطلعة تزامُن إعطاء واشنطن صافرة انطلاق قطار عقوبات الحد الأقصى على إيران والتي كان «حزب الله» في صلب «أسبابها الموجبة»، مع حركةٍ ديبلوماسية في اتجاه بيروت بدا من الصعب فصْلها عن «حقل الألغام» الذي دخلتْه المنطقة ابتداءً من الأمس.

وفي هذا السياق، برزتْ زيارة الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المستشار اوريليان لوشوفالييه الذي كان له لقاء معلن مع وزير الخارجية جبران باسيل انتهى «بلا كلام» واجتماعٌ بعيداً عن الأضواء في القصر الجمهوري مع مستشاري الرئيس عون (كما أوردت «وكالة الأنباء المركزية»).

ورغم الغموض الذي سادَ مهمة لوشوفالييه، إلا إنه لم يكن ممكناً عزْلها عن زيارته الأخيرة لاسرائيل قبل نحو أسبوع، وما كشفت وسائل إعلام عبرية، عن أنه سمع خلالها من مسؤولين اسرائيليين تحذيرات للبنان على خلفية ما يقولون إنه مصانع أسلحة تابعة لـ«حزب الله»، وأن تل أبيب طلبتْ من باريس (عبر لوشافالييه) نقل «رسالة تحذير» الى المسؤولين اللبنانيين في شأن «مصانع الميليشيات» ووجوب إغلاقها وأنها ستتحرّك بحال استمرّ الأمر.

وكان لافتاً ان «الصواريخ» حضرت خلال استقبال عون كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الاوسط الجنرال السير جون لوريمر، حيث تركّز البحث على الأوضاع في لبنان والمنطقة والدعم الذي تقدمه لندن، للجيش. وخلال اللقاء، لفت عون «الى تزايد الادعاءات الاسرائيلية حول وجود صواريخ في أماكن آهلة ولا سيما قرب مطار رفيق الحريري الدولي»، مؤكداً «زيف هذه الادعاءات التي تتزامن مع استمرارالانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية».