IMLebanon

الحريري الى “الصدارة” والنواب الستة الى لائحة “سرايا المقاومة”!

لم يعد من مجال للشكّ في ان مساعي تشكيل الحكومة دخلت في سبات عميق. فحركة الإتصالات التي اوحت بها بعض المراجع تدور في حلقة مفرغة، كون العقدة اكبر مما يتصورها أحد، خصوصا إذا صحت الروايات التي ربطتها بالعقوبات الأميركية المفروضة على حزب الله وتلك التي بدأ تطبيقها على طهران وحلفائها امس، ما يعني ان موعد ولادة الحكومة بات في علم الغيب وفي مهب الصراعات الخارجية. وعليه ما هي السيناريوهات المتداولة وفق ما تتوقعها اوساط سياسية متابعة عبر “المركزية”؟

في ظل العجز عن تقدير الثمن الذي يريده حزب الله مقابل تراجعه عن اصراره على توزير احد نواب “سنة 8 آذار” في الحكومة العتيدة وامكان فتح الأبواب للدخول الى الغرف المغلقة التي يمكن ان يتبادل فيها الآراء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا يجرؤ احد من المعنيين على التكهن بما ستؤول اليه الأمور في المدى القريب او البعيد. بيد ان الاوساط تقول ان الصمت الذي لاذت به المراجع المعنية بعملية التأليف في شأن نتيجة الإتصالات والوساطات العاجلة، فتحت المجال واسعا امام احتمالات متناقضة يمكن ان تقود اليها العقدة الجديدة على اكثر من صعيد وطني ومذهبي اضافة الى الساحة الحكومية المجمدة المتروكة لمنطق “تصريف الأعمال”.

على هذه الخلفيات، تتناسل الروايات حول العقدة الجديدة التي تجاوزت الحديث عن مصير الحكومة الى مجالات أخرى اكثر تعقيدا، ما ينذر بإمكان ان تستدرج بعض الساحات الاسلامية الى حال من التشنج المذهبي. اذ ليس غافلا على احد ان “الصدمة” الحكومية التي اعقبت بروز العقدة السنية بدلت في ساعات قليلة بعضا من التحالفات التي اهتزت من دون ان تقع، لكنها ايقظت عددا من “شياطين التفاصيل” التي تنمو في كنف الصراع المذهبي السني – الشيعي الذي كان يعيش في ظل “حرب باردة” منذ بدء ورشة تأليف الحكومة. وقد ظهرت بوضوح بالاستناد الى ثلاثة من المواقف التي يبدو انها ثوابت لا يمكن تبديلها بسهولة في وقت قريب، تتمثل

أولاها برفض الرئيس ميشال عون تمثيل هذه المجموعة “المشتتة” من النواب السنة من ضمن حصته الوزارية. ويتجلى ثانيها بالموقف الصارم للرئيس المكلف تشكيل الحكومة الذي لم ير حتى اللحظة وجود عقدة من هذا النوع تاركا لرئيس الجمهورية معالجتها بعدما ارتاح الى موقفه الداعم. وثالثها اصرار حزب الله على مطلبه بتمثيل هذه المجموعة النيابية ايا كانت الأثمان المترتبة عليه، ولو أدى الأمر الى استمرار البلد بلا حكومة حتى نهاية الولاية الرئاسية كما نقل عن احد مسؤوليه.

لا يمكن لأحد تجاهل هذه المعطيات، وما أنتجته من ترددات انعكست على الساحة السنية بشكل خاص، فقد ادت اولى ردات الفعل الى استعادة الرئيس المكلف موقع الصدارة في الساحة المتنازع عليها تحت شعار احترام نتائج الإنتخابات النيابية ودور الرئيس المكلف. فقد عبرت القيادات السنية على ارفع المستويات عن موقفها “الجامد” من محاولة المس بما سمته “صلاحيات” الرئيس المكلف. وهي التي رفعت لواءها من قبل على خلفية تفسيرها لمواقف رئيس الجمهورية قبل ان تتوضح الصورة ليطوى الجدل الذي قام مع فريقه بالسرعة القصوى. وبالحديث عن الساحة السنّية لا يغفل المراقبون المأزق الذي وقع فيه النواب السنة الستة الذين باتوا في مواجهة القيادة الدينية لطائفتهم وصولا الى وصفهم بنواب “سرايا المقاومة”. ولم تنفع الحملة التي بدأها بعض هؤلاء دفاعا عن “صلاحيات” رئيس الحكومة ورفضهم لأي “تنازل عن صلاحية من صلاحيات مقام رئاسة الحكومة وصلاحيات أهل السنة والجماعة”، كما السعي الى تصويب المواجهة التي يخوضونها باتجاه الوزير جبران باسيل والتحذير من “حصول كتلة لبنان القوي على 11 وزيرا في الحكومة”، والتي تؤهله الى ان “يصبح بمقدوره فرط الحكومة وقت يشاء، وهذه الصلاحية محصورة بيد رئيس الحكومة”.

والى هذه المعطيات، التي جمدت مساعي التأليف تبدو العملية اكثر تعقيدا مع دخول البلاد مدار العقوبات التي تخضع لها طهران وتلك المنتظرة لترجمة القانون الخاص بـ “حزب الله” وهو امر ينذر بالمزيد من التشنج عندما تتلاقى ردات الفعل على الأمرين معا في الشكل والمضمون وتزيد من حجم العقد الحكومية، ما لم يجترح المفاوضون مخرجا سريعا، فتكون المفاجأة الكبرى التي ستسمح بالولادة الحكومية بعد طول انتظار. ولكن هل كل ذلك ممكن من دون تدخل اليد الإلهية؟ فقد سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري ان طلب الدعاء وما على اللبنانيين الا الاستجابة لندائه.