IMLebanon

العقوبات على ايران نعمة أو نقمة على لبنان؟ (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

دخلت العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ في الخامس من تشرين الثاني 2018، وبدأت معها بحسب العديد من المحللين السياسيين مسيرة انكفاء الحلم الإيراني بالتوسّع والتمدّد في الشرق الأوسط، إضافة إلى الحدّ من دعم المنظمات الإرهابية. جزء من هذه العقوبات يطال “حزب الله” المرتبط بنية إيديولوجية وعسكرية بنظام طهران.

فما هي مخاطر انعكاسات العقوبات الأميركية ضد ايران على الاقتصاد اللبناني؟ وما هي التدابير الوقائية الواجب على لبنان اتخاذها؟

الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، أوضح لـIMLebanon أنه لا يوجد اي تداعيات مباشرة على لبنان. لأن التبادل التجاري بين لبنان وايران ضعيف ولا يتخطى 3 او 4 مليون دولار سنوياً، وتحويلات المغتربين اللبنانيين هي صفر من ايران اضافة الى ان القطاع المصرفي اللبناني يطبق العقوبات باعتراف الادارة الاميركية، التي أبدت سفيرتها في لبنان ثقتها بهذا الموضوع.

الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني، قال لـIMLebanon: “إن تأثر لبنان بالعقوبات الأميركية على ايران ضعيف، فالعلاقات اللبنانية الايرانية ضعيفة والتبادل التجاري بين البلدين لا يتخطى 80 مليون دولار، فلبنان يستورد نحو 60 مليون دولار ويصدر بقيمة 16 مليون دولار، من هنا فإن التأثيرات محدودة، وفي الوقت نفسه بعد رفع العقوبات الاميركية على ايران في العام 2015 لم تتطور العلاقات الاستثمارية او التجارية بين لبنان وايران رغم الزيارات المتكررة لرجال الأعمال اللبنانيين الى الجمهورية الاسلامية.

وفي ما يتعلق بالعلاقات المصرفية فهي ايضاً ضعيفة جدا، كما يقول وزني، وهي لم تتطور، ولم يقم المصرفيون اللبنانيون بتعزيز هذه العلاقات بعد الـ2015، اذ بقي القطاع المصرفي حذراً ومترقباً لان عملية رفع العقوبات الدولية عن ايران في الـ2015 لم تكن واضحة في ما خص تأثيرها على القطاع المصرفي والنظام المالي العالمي، من هنا، فان موضوع العقوبات الجديدة على ايران تأثيراتها محدودة جدا على لبنان.

“حزب الله” خارج التأثير!

في الشق الذي يتعلق بـ”حزب الله”، أشار عجاقة إلى أن العقوبات على ايران مفصولة قانونياً عن العقوبات على “حزب الله”، وهي مرتبطة سياسياً فقط، مشيراً إلى أن العقوبات الاميركية على الحزب لا تؤثر على لبنان.

من جهته، يقول وزني: “إن العلاقات بين ايران وحزب الله هي خارج إطار الرسمي والقانوني، وتدخل ضمن الاقتصاد الموازي”.

ويضيف: “العقوبات الجديدة وسعت لائحة الأسماء والكانات التي تطالهم، لكن القطاع المصرفي ومصرف لبنان والدولة اللبنانية اتخذوا خطوات استباقية احترازية، لأنهم يمتثلون للقرارات الدولية وخصوصا تلك المتعلقة بالخزانة الاميركية. علما ان حزب الله صرح مراراً بأنه لا يتعاطى لا مباشرة ولا غير مباشرة مع القطاع المصرفي اللبناني بل اقتصاده خارج اطار المصرفي الرسمي”.

المدير المسؤول لصحيفة L’orient le jour الصحافي ميشال توما لـIMLebanon اعتبر أن العقوبات التي ستثؤثر على ايران بشكل كبير، ستؤثر بدورها على تمويل “حزب الله” ولو ان لديه مصادر أخرى للتمويل.

أين يمكن أن يتأثر لبنان؟

التأثير على لبنان قد يكون من بوابة النفط كما اعتبر عجاقة، فاذا طبقت العقوبات بالكامل فهناك احتمال ان يرتفع سعر برميل النفط عالمياً، وهذا سيزيد التضخم والعجز في الموازنة نتيجة فاتورة كهرباء لبنان.

ولفت الى أن احتمال ارتفاع اسعار النفط قد يحصل اذا عجزت الدول المنتجة للنفط أن تعوّض ما تنتجه ايران يومياً، التي تصدّر نحو 2.5 مليون برميل في اليوم، لذلك قامت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعفاءات لثمانية دول، لأنها تعلم أنه لا يوجد قدرة للدول المنتجة للنفط لأن تعوّض.

وقال عجاقة: “نتمنى ان لا يحصل ارتفاع لأننا لسنا الوحيدين المتضررين، بل ان الاقتصاد الاميكري بنفسه سيتضرر، من هنا يطبق الرئيس ترامب العقوبات بنعومة ليرى ردة فعل السوق على العقوبات حتى لا يرتفع النفط عالمياً.

من جهته، أيّد وزني ما أورده عجاقة، فقال: “إن اهم تداعيات العقوبات الأميركية على ايران التخوف من ارتفاع النفط عالمياً، اذا ان بعض المؤسسات المالية الدولية تحدثت الى ارتفاع قد يصل الى 90 دولار للبرميل، وهو ما يؤثر على الوضع اللبناني لجهة ازدياد العجز في ميزان المدفوعات ولناحية الفاتورة على مؤسسة كهرباء لبنان، التي قد تتخطى الملياري دولار كعجز سنوي، أضافة الى التأثير على معيشة المواطن لجهة ارتفاع اسعار البنزين”.

أيُّ تدابير للدولة اللبنانية؟

يشير الدكتور وزني الى أن الدولة اللبنانية ليست بحاجة لاتخاذ أي احتياطات نتيجة العقوبات لأن علاقاتنا مع ايران ليست قوية، بل غير موجودة، لا تجاريا ولا استثمارياً ولا صناعياً ولا مصرفياً ولا مالياً.

وأوضح ان التجارب السابقة اظهرت عجز الحكومات القيام باي خطوات للحد من تداعيات ارتفاع سعر النفط عالميا على الاقتصاد اللبناني وعلى الخزينة العامة او الحياة العامة للمواطنين. من هنا، من المستبعد ان تقوم الحكومة اللبنانية باي اجراءات تحدّ من احتمال ارتفاع أسعار النفط عالمياً.

بدوره، رأى عجاقة أننا لا نسطيع ان نحمل عجزا ولبنان يحتاج لمعجزات في حال ارتفعت أسعار النفط، معتبرا ان الدولة اللبنانية لا تملك هامشاً للتحرك في هذا الاطار. فكيف سيمكنها الحدّ من العجز في الموازنة، مثلا؟ نعم، يضيف عجاقة: “الاقتصاد اللبناني سيتأذى كثيرا إذا ارتفعت أسعار النفط”.

في ظل هذا العرض الاقتصادي والمالي، يرى بعض المحللين ان هناك تأثيرا سياسياً لهذه العقوبات على لبنان ظهر من خلال تعطيل مسار تشكيل الحكومة، ورجح الصحافي ميشال توما لـIMLebanon أن يكون هناك علاقة بين العقوبات الأميركية على ايران والتعطيل الذي حصل لتشكيل الحكومة من قبل “حزب الله”، فالتوقيت واضح، خصوصاً أن حسابات الحزب تأتي انطلاقاً من حسابات إقليمية وليس من حسابات لبنانية، فالحزب حساباته ايرانية بالدرجة الأولى، وهذا الأمر يرجح ان يكون هناك علاقة بين التعطيل والعقوبات.