عشية “القمة” التي يفترض أن تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في الأرجنتين على هامش قمة مجموعة العشرين (التي تعقد في بوينس آيرس بين 30 تشرين الثاني الجاري و1 كانون الأول)، والتي سيكون الملف السوري بطبيعة الحال، أحد أبرز “أطباقها”، تستمر التباينات بين الجبارين في مقاربة الأزمة عموما وحيال الوجود الإيراني في سوريا، خصوصا.
فقد أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أن “الولايات المتّحدة تحاول إقناع روسيا بضرورة انسحاب القوّات الإيرانيّة من سوريا”، لافتا في المقابل إلى أنّ “بإمكان واشنطن وموسكو تجاوز الخلافات حول سوريا على المستوى السياسي”، ومشيرا إلى أنّ “الحوار السياسي مستمرٌ على المستويات كافّة”.
وذكّر جيفري موسكو بأن “بلاده كرّست لسوريا الحيّز الأكبر من لقاءات مسؤوليها مع الروس، كما أنَّ الاتّفاق التركي – الروسي حول إدلب يدلّ إلى أنّه بوسعهم إقامة تعاون على مستوى معيّن مع أعضاء آخرين في المجتمع الدولي كأميركا”.
الموقف الأميركي يدل، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، إلى أن “أي تعاون محتمل بين الجبّارين لدفع التسوية السياسية السورية قدما، شرطُه وفاء موسكو بالالتزام الذي قطعه بوتين لترامب في هلسنكي بالعمل لإخراج القوات الإيرانية من سوريا. ويبدو حتى اللحظة، أن هذه التسوية ليست في متناول اليد بعد بما أن التطورات الميدانية لا توحي بانسحاب إيراني، بل العكس.
فقد قال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري: “إن طهران سترسل قوات حفظ سلام إلى إدلب ومنطقة شمال غرب حلب، بناء على طلب من الحكومة السورية”.
وأضاف أن “بناء على مفاوضات السلام الجارية بشأن سوريا، فقد طلبت دمشق من إيران إرسال قوات حفظ سلام إلى المنطقتين المذكورتين”.
وتابع “من المقرر أن يُرسل عدد محدود منها إلى تلك المناطق”، ومشيرا إلى أن “جميع أفراد القوات الإيرانية في سوريا متطوعون وغالبيتهم مستشارون ولا توجد اشتباكات مسلحة حاليا في سوريا”.
والحال، أن هذه الخطوة – التي تأتي على وقع تأكيد الخارجية الروسية أن “الفصل الحقيقي لقوات ما يسمى بالمعارضة المسلحة المعتدلة عن الإرهابيين في محافظة إدلب السورية لم يتم بعد على الرغم من جهود تركيا في هذا الاتجاه” – لن تكون نتيجتها فقط إعادة التوتر إلى المنطقة (ويفترض رصد الموقف التركي منها)، بل أيضا زيادة منسوب التشنج في العلاقات الأميركية – الروسية”.
فهي تذهب في الاتجاه المعاكس تماما للاتفاقات الثنائية التي أبرمت بين الطرفين في الأشهر الماضية والتي تقول بتخفيف تدريجي للوجود الإيراني في سوريا وصولا إلى إنهائه كلّيا، وذلك يعني أن واشنطن ستسير قدما في موقفها بعدم التعاون مع الجهود الروسية لإعادة إعمار سوريا وإعادة النازحين إلى ديارهم. فهل تنتج القمة المرتقبة نهاية الجاري تفاهما جديدا وسط إصرار ترامب على أن يكون عام 2019 عام التسوية لنزاعات المنطقة من الأراضي المحتلة إلى سوريا فاليمن والعراق؟