IMLebanon

تأليف الحكومة يتقدّم… إلى الخلف

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

لن تستريح بيروت في عطلة عيدَيْ المولد النبوي الشريف وبعده الاستقلال، بعدما شهدت انطلاقة الأسبوع تزخيماً لحركة المَساعي الرامية الى تذليل عقدة إصرار «حزب الله» على توزير أحد النواب السنّة الموالين له، وسط معاينة داخلية وخارجية لهذا الملف الذي بات يسابق تحذيراتٍ متدحْرجة من «الهاوية» المالية – الاقتصادية كما من ترْك البلاد «مكشوفة» سياسياً – دستورياً في غمرة «زمن العقوبات» على إيران و«حزب الله» أو الانزلاق نحو حكومةٍ بتوازناتٍ تثير «نقزة» المجتمع الدولي.

واستقطبتْ الأنظار أمس 3 تطوّرات ذات دلالات بالغة الأهمية:

* الأوّل إعطاء واشنطن إشاراتٍ متجدّدة الى معاينتها ملف تأليف الحكومة و«المعايير» التي تتطلّع إليها للتشكيلة المرتقبة، وذلك من خلال البرقية التي وجّهها الرئيس دونالد ترمب الى الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري لمناسبة الذكرى 75 لاستقلال لبنان، إذ أكد أن «الولايات المتحدة تتطلع إلى العمل مع حكومة لبنانية جديدة ملتزمة بدعم سيادة لبنان واستقلاله السياسي»، مشدداً على أن «بلاده تقف صامدة في دعمها للبنان مزدهر وآمن وسالم»، ومعرباً عن تقديره بشكل عميق للشراكة بين الولايات المتحدة ولبنان، ومشيداً «بالتقدم الكبير الذي حققته حكومتكم خلال العام الماضي بما في ذلك إجراء انتخابات تشريعية ناجحة وصمودكم في الكفاح ضد الإرهاب».

* الموقف الذي أطلقه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في رسالة المولد النبوي الشريف والتي حملتْ رداً ضمنياً على الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة ورسمتْ «خط دفاع» عن موقع الحريري كرئيس مكلف وموقفه من رفْض محاولات فرض الشروط عليه وعلى رئيس الجمهورية من بوابة عقدة سنّة 8 مارس.

فالمفتي دريان اعتبر ان عدم تشكيل الحكومة حتى الآن «غير مقبول ولا معقول»، لافتاً الى «ان المؤمن بوطنه لا ييأس ولا يحبط، مهما واجه من تصريحات ومواقف متشددة»، مؤكداً ان «الأزمة الأخيرة المستحدَثة ليست عقدة سنية كما يظنّ البعض، بل عقدة سياسية مستحدثة بامتياز، ينبغي حلها (…) من دون أن يكون هناك غالب أو مغلوب»، ومؤكداً «ان مَن يشكل الحكومة هو الرئيس المكلف، بالتعاون والتفاهم مع رئيس الجمهورية، ولا يجوز فرض شروط عليهما من أي طرف سياسي وذلك انسجاما مع تنفيذ الدستور واتفاق الطائف»، ومنبهاً إلى «مخاطر العرقلة، وتأثيراتها السلبية على الاستقرار والعلاقات بين اللبنانيين».

* تفجير رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، المفوّض من رئيس الجمهورية البحث عن مَخْرج لعقدة توزير السنّة الموالين لـ«حزب الله» ما يشبه «القنبلة» بعد زيارته أمس «مجموعة الستة» بوضْعه على الطاولة طرْح التراجع عن التبادل بين عون والحريري بوزير سني من حصة الأول مقابل مسيحي من حصة الحريري، بحيث يبقى للأخير سنّي إضافي يتمثّل عبره سنّة 8 مارس، مبرراً هذا الطرح بأنه لتأكيد ان رئيس الجمهورية ليس طرفاً في المشكلة التي هي «بين الرئيس المكلف والنواب السنّة من خارج كتلته».

واستوقف كلام باسيل، الذي كان التقى الحريري أول من أمس والنائب وائل أبو فاعور (من كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط)، الأوساط السياسية التي رأت أن أيّ «ارتداد» على مسألة التبادل تعني تعديل التوازنات وتكبيد الرئيس المكلف «خسارة صافية» على 3 مستويات: حصْر تمثيل الحريري بالدائرة السنية وهو الذي يثير حساسية كبيرة لدى الرئيس المكلف الذي يصرّ على الطابع «العابر للطوائف» لحزبه (تيار المستقبل)، وتراجُع حصته العددية من ستة وزراء الى خمسة، إضافة الى اختلال التوازن مع جعْل تمثيله مع حزب «القوات اللبنانية» لا يتجاوز 9 وزراء.

وفي حين تعزو هذه الأوساط هذا التوجه الذي طرحه باسيل الى رغبة في «سحْب» رئيس الجمهورية من هذه العقدة وتالياً من أي حلّ لها يكون من حصّته واستطراداً قطْع الطريق على فركة «الوزير الوديعة» وضمان حصول فريقه على الثلث المعطّل في الحكومة، فإنّ ثمة أسئلة تُطرح حول تداعيات مثل هذا الأمر على مجمل مسار التأليف بعدما رُميت المشكلة والحلّ في ملعب الحريري الذي يصرّ على رفْضه توزير سنّة 8 مارس تحت أي ظرف.

وإذ شكّكت أوساط سياسية مواكِبة لعملية التأليف عبر «الراي» بإمكان أن يحدد الحريري موعداً للقاء «مجموعة الستة»، فإنها بدت وكأنّها لا تقيم وزناً لطرْح باسيل الذي يأتي في سياق مجموعة من المَخارج التي تتداعى الواحد تلو الآخر تحت وطأة القرار الكبير من «حزب الله» بتعليق تأليف الحكومة.

واعربت مصادر نيابية مطلعة عن خشيتها من ان تكون الحكومة قد رُحلت الى اجل غير مسمى واصفة مسعى وزير الخارجية جبران باسيل بأنه محاولة لتهدئة النفوس معدومة الآفاق والنتائج.

واوضحت المصادر لصحيفة “القبس” الكويتية ان باسيل لا يتحرك بطرح متكامل وانما يطرح افكارا عدة تشترط كلها تنازلات من الجميع وليس من طرف معين. وتضيف ان الرئيس الحريري ابدى مرونة يمكن ان تسهل مبادرة باسيل، فهو تنازل عن رفضه المطلق بتوزير شخصية من النواب السنة المعارضين ولكن قطعا ليس من حصته. غير ان الامر مرهون بالاسم المقترح لأنه وكما أعلن اخيرا لن يدفع فاتورة القانون الانتخابي مرتين. لذا، تضيف المصادر، لا يمكن للحريري ان يوافق على توزير شخصية سنية قادرة على توسيع جمهورها والقضم من شعبيته.

وتكشف هذه المصادر عن ان الطرح الذي تم تسويقه مؤخرا وبدا الاقرب للسير به هو مقايضة وزير سني بآخر شيعي من خلال توزير سني من حصة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على ان يتم توزير شيعي من حصة رئيس الجمهورية. وطرح في هذا السياق اسم النائب قاسم هاشم لكونه عضوا في كتلة الرئيس بري، ولأنه ينتمي الى دائرة انتخابية (مرجعيون حاصبيا) لا تشكل اي تهديد لتيار المستقبل.

في المقابل، لا يبدو حزب الله في وارد التنازل عن مطلبه بتوزير سنة 8 آذار. وفي هذا الاطار أكد وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش أنه «لا يمكن ان تستقيم الأمور، أو أن تكون هناك حكومة شراكة ووحدة وطنية، من دون تمثيل كل الذين يستحقون أن يكون لهم مقعد وزاري».