IMLebanon

الحريري وتحصين الإستقلال

قد يكون الرئيس المكلّف سعد الحريري من أكثر المسؤولين الذين يعانون في هذه الفترة التي تُعتبر زمنَ الإستقلال، خصوصاً أنّ البلاد تعاني أزماتٍ إقتصادية وإجتماعية وسياسيّة.

إرتبط إسم سعد الحريري بالإستقلال الثاني الذي عرفه لبنان بعد إغتيال والده الشهيد رفيق الحريري، دخل المعترك السياسي في أوجّ إنتفاضة الإستقلال وثورة الأرز وفي أدق مرحلة من مراحل التاريخ السياسي الوطني.

 

يصرّ الحريري على أنّ الإستقلال أولويّة، ويجب العمل يومياً على تحصينه خصوصاً أنّ لبنان يعاني أزمات متلاحقة لا تنتهي فصولاً.

 

وقف الحريري مرّات عدّة منذ عام 2006 على منبر ساحة الشهداء، تلك الساحة التي شهدت على أحداث جمّة أبرزها عام 1916 عندما علّق الأتراك المشانق لأحرار لبنان الذين رفضوا الإحتلال التركي للبنان، وثاروا ضدّه. لم يساوم الحريري في خطاباته، وكان يؤكّد دائماً على ثلاثية الحرية والسيادة والإستقلال.

 

لم تكن مسيرة الرئيس الحريري منذ عام 2005 مفروشةً بالسجاد الأحمر، إذ إنّ البلاد عانت من الحروب المتلاحقة وأبرزها حرب تموز 2006، حرب مخيم نهر البارد 2007، أحداث 7 أيار عام 2008، كلّها احداث جعلت سعد الحريري يتمسّك أكثر فأكثر بمشروع الدولة وسلطتها الواحدة الموحّدة.

 

يقول الحريري ويكرّر “نحن أكثر فريق قدّم تنازلات من أجل بقاء الوطن وإتفاق “الطائف” والحفاظ على الدستور، لم ننجرّ الى لعبة العنف والدمّ، ونسعى بكل قوتنا لنهوض البلاد.

 

أتقن الحريري لعبة التسويات وتدوير الزوايا، فهو يفضّل خسارات مواقع ومراكز وعدم خسارة الوطن، خصوصاً انّ نظرته الى الإستقلال غير مرتبطة بظرف معيّن أو حدث عابر، فالإستقلال بالنسبة إليه هو ممارسة يوميّة متواصلة لا تقتصر على الخطابات.

 

والحريري الذي يعمل ليلاً نهاراً من أجل ولادة الحكومة الجديدة، يعتبر أنّ هذه المهمّة تصبّ في سياق تدعيم الإستقلال، فلو انهار البلد إقتصادياً فإنّ كل النضال الذي ناضلنا من أجله وكل الدماء التي دُفعت ستذهب سدى، إذ إنّه لا استقلالَ من دون إقتصاد قويّ، وفي ظلّ عجزٍ وإنهياراتٍ لا ترحم أحداً.

 

كل هذا الأمر، يفسّر تجيير الحريري لعلاقاته الدولية من أجل مصلحة لبنان، وليس مؤتمر “سيدر 1” إلّا خير دليل على ما يحاول الحريري فعله. هذا المؤتمر بنظره هو خشبة خلاص من الممكن أن “تجلّس” الوضع الإقتصادي وتطلق عجلة الإقتصاد وتؤسّس لمرحلة نهوض مستقبلية يُعتبر لبنان بأمسّ الحاجة إليها.

في تفكير الحريري وسلوكياته، أنّ شخصاً واحداً لا يستطيع حماية الإستقلال، بل إنّ هذا الأمر يتطلب تضافر جميع أبنائه من كل الطوائف والمذاهب

 

والاتّجاهات السياسية، وبالتالي فإنّ الإصرار للحفاظ على المناصفة يُعتبر من أهمّ المحطات في الحفاظ على الإستقلال خصوصاً أنّ لبنان لا يقوم إلّا بجناحيه المسلم والمسيحي، وهذا الأمر بات واضحاً للجميع ومن المسلّمات الوطنية.