IMLebanon

فرص اعادة النازحين الى سوريا شبه معدومة فكيف يواجه لبنان؟

في غياب اي ملامح جدية ازاء امكان تحريك ملف اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بعدما باتت مهيأة ميدانيا لاستقبالهم في الجزء الاوسع من المناطق التي تحررت من التنظيمات الارهابية، وانعدام المؤشرات الروسية في اتجاه اعادة ضخ الحياة في عروق المبادرة التي اطلقتها موسكو في تموز الماضي ودخلت وفق المتوفر من معطيات في شأنها في حالة موت سريري بفعل جبال الممانعة التي رفعتها واشنطن وعواصم اوروبية في وجه عودة هؤلاء قبل ارساء الحل السياسي للازمة السورية، انخفض منسوب الآمال اللبنانية المعلّقة على تخفيف، ولو جزء بسيط، من عبء المليوني نازح بأوزارهم الثقيلة التي انهكت البلاد سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا في موازاة تقلص حجم المساعدات الدولية، على رغم المناشدات المتكررة من كبار المسؤولين اللبنانيين للعالم والمنظمات الدولية المعنية بالاضطلاع بمهمة مساعدة النازحين وزيادة حجم المساعدات ليتمكن لبنان من استكمال مهمة استضافتهم الى حين العودة المأمولة.

بيد ان طريق هذه العودة، لا تبدو معبدة حتى الساعة ولا في طور التعبيد، على ذمة اوساط دبلوماسية غربية تؤكد لـ”المركزية” ان الوضع السوري دخل في حال من الجمود لا يتوقع ان يتحرك في وقت قريب، على الاقل ليس قبل نهاية العام المقبل، وان “الستاتيكو” القائم راهنا سيبقى من دون اي تعديل، ما دام يناسب جميع القوى المنخرطة في منظومة الازمة السورية ميدانيا بما فيها الدول الكبرى الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، تركيا، ايران والنظام السوري الذي تفيد الاوساط انه مرتاح الى وضعه، اذ ان المؤشرات بمجملها تصب في خانة بقاء الرئيس بشار الاسد في الحكم لمدة طويلة، خلافا لتوقعات البعض، وانه راض عن الوضع العام في ظل استرجاع مناطق واسعة من قبضة الارهابيين والارجح انه يفضل عدم عودة النازحين، خصوصا ان معظمهم من المناهضين للنظام وبقاءهم خارج البلاد لمصلحته.

وفي معرض تدعيم وجهة نظرها ازاء عدم عودة النازحين الى سوريا في المدى المنظور، تلفت الاوساط الى الاشارة البالغة السلبية التي تجسدها خطوة اقدام المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا على تقديم استقالته، على ان يترك مهامه نهاية العام، بعدما بذل جهودا جبارة من اجل انجاز المهمة التي انتدب لاجلها، انجاز الحل السلمي للازمة السورية، لكن الحظ لم يحالفه في ضوء انحراف مسار الازمة عن خط تغيير النظام في اتجاه صراع القوى العالمية الكبرى على الارض السورية.

حتى مسار استانة، تضيف الاوساط لم يتمكن من تحقيق تقدم على طريق الحل، واقصى انجازاته لم يلامس التسوية السياسية مكتفيا بتثبيت مناطق “خفض التوتر” حقنا للدماء، في حين يبقى مسار جنيف يدور في دوامة المراوحة السلبية وسط حزم الشروط والشروط المضادة لأطراف النزاع.

وتبعا لذلك، تنقل الاوساط عن مراجع غربية عليمة دعوتها المسؤولين اللبنانيين لتحصين بلادهم في مواجهة الواقع الصعب وتشغيل محركات وساطاتهم مع الدول الفاعلة والمؤثرة في ملف العودة لا سيما الادارة الأميركية التي تملك، في رأي الاوساط، مفاتيح كثيرة يمكن استخدامها لمساعدة لبنان في هذا المجال، على ان يساعد نفسه اولا من خلال قطع الطريق على محاولات بدأت تذرّ بقرنها لضرب استقراره من بوابة اثارة الفتنة في الشارع، وثانيا عبر الوقوف سداً منيعا في مواجهة مساع تبذل في اكثر من اتجاه  لتغيير ديموغرافيته وقلب الموازين لمصلحة هذه الفئة او تلك، لان شأنا من هذا النوع سيطيح دور لبنان الرسالة والعيش المشترك. واذ تحذر من خطر الانزلاق المسيحي الى حلقة الصراع السنّي- الشيعي لما له من تداعيات على الساحة اللبنانية، تلفت الى الدور الروسي في اطار حماية الوجود المسيحي في الشرق عموما ولبنان في شكل خاص.