IMLebanon

في خلفيات ابتعاد “حزب الله” عن حادثة الجاهلية

ثلاث جهات اساسية رسمية غابت عن واجهة حدث الجاهلية وتداعياته السبت الماضي. رئاسة الجمهورية التي التزمت الصمت المطبق، ورئاسة المجلس النيابي التي نُقل عن “سيدها” الرئيس نبيه بري انه في قمة الانزعاج والاستياء مما حصل، ورئاسة الحكومة المعنية سياسيا بأحد جوانب ما جرى، لكنها فضلت النأي بنفسها رسميا. لا مواقف ولا بيانات ولا اطلالات رئاسية. في الموازاة انهمرت المواقف السياسية للاحزاب موزعة بين مستنكر وشاجب ومحمّل المسؤولية لهذا الفريق او ذاك، فيما بدا الابعد مسافة من الخلاف حزب الله، في موقف اثار الاستغراب خصوصا ان الوزير السابق وئام وهاب لطالما شكل احد ابرز حلفاء الحزب والمدافع الاشرس عنه. ذلك ان الحزب وعلى رغم محاولة وهاب اقحامه مباشرة في الحادثة من خلال الدعوة الى عدم التفاوض معه بل مع السيد حسن ‏نصرالله، لم يرسل موفديه الى مراسم التشييع امس بما يعني ذلك، معلنا عن ارسال وفد لتقديم التعزية اليوم، فيما تجنّب اصدار بيان رسمي في هذا الشأن، على غرار ما يفعل ابان حوادث مماثلة، حتى ان تغطية وسائل اعلامه للحدث لم تأتِ على القدر المعهود في حالات مماثلة.

وتقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية” ان حزب الله أبلغ تيار المستقبل، الخميس الماضي، أن كلام وهاب لا يعبّر إطلاقاً عن وجهة نظره ولا عن وجهة أي من قوى 8 آذار، حتى انه عاتب وهاب كما تردد على ما صدر عنه بحق الحريري، فسارع الاخير الى تقديم الاعتذار، وهو ولئن اظهرت بعض مواقف سياسييه وقادته رفضا للمسّ بالحلفاء وتطبيق القانون استنسابيا كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد موضحا اننا “كما لا نقبل بهذا الفحش ولا الشتيمة ولا التعرض بالشخصي، لا للأحياء ولا للماضين، لكن ما نقبله لفلان لا نقبله لأحد ممن يتطاول على الآخرين، لا يبقي مقدساً عند الآخرين الا ويهتكه ويتعرض له ولا يحترم كبار الآخرين ولا صغارهم ويلقى التصفيق من بعض رجالات السلطة”، الا ان دفاعه عن وهاب جاء خجولا ومثابة موقف حفظ ماء الوجه ليس إلا، وهذا شأن يدركه كل من يتابع بيانات ومواقف الحزب في محطات سابقة مماثلة.

في تحليلها لهذا الواقع، تقول المصادر ان ما جرى له وجهان داخلي مرتبط بواقع الحزب المحلي، واقليمي على صلة بتطورات خارجية. في الشق الاقليمي، تعتبر المصادر ان تباينا ايرانيا- سوريا قد يكون خلف عدم اندفاعة الحزب، اذ ان اكثر من اشارة صدرت اخيرا في هذا الاتجاه وأوحت بأن طهران ودمشق ليستا على الموجة نفسها على الساحة اللبنانية. اما الداخلي فتشير الى وجهتي نظر ازاءه، تقول الاولى بأن الحزب يتجنب الخضات الامنية وتعريض الاستقرار للخطر في زمن العقوبات المفروضة عليه والتي توجب التفافا سياسيا حوله لتحصينه  في مواجهتها، فيما تذهب الثانية الى اعتبار انه اكثر المستفيدين مما يجري وانه يوجه رسائلها السياسية بالواسطة وعبر ادوات يحركها لحظة يشاء من دون ان يكون في الصفوف الامامية، لا بل يظهر في موقع الوسيط الواجب شكره على منع بلوغ التدهور الامني نقطة اللاعودة وانفلات الامور من عقالها. وتشير هنا الى ان في خلفية اهداف الحزب من حادثة الجاهلية محاولة لتكريس الشرخ بين ابناء الطائفة الدرزية (جنبلاط- وهاب- ارسلان) وبين الدروز والسنّة ضمن اطار سيناريو تعميم الفرقة داخل الطوائف لاضعافها، في حين تبقى الطائفة الشيعية قوية موحدّة قادرة، حينما تحين الساعة، على فرض المثالثة من خلال تعديل الطائف، بحيث اذا ما فقد الحزب قوته العسكرية بعد التسويات الجاري نسجها اقليميا ودوليا يبقي على “فائض قوة” سياسي لا يمكن لاي جهة سلبه منه.