IMLebanon

التنازلات الحكومية “مستبعدة” في انتظار 2019

بعد 7 شهور على تكليف الرئيس سعد الحريري مهمة تشكيل الحكومة، عادت بعض نسمات التفاؤل الميلادية تلفح عملية التشكيل قبل حلول الأعياد، إلا أن الخوف من أفخاخ اللحظات الأخيرة لا يزال يقض مضاجع بعض المعنيين بمطابخ التشكيل، خصوصا أن محاولتين لاستيلاد الحكومة قبل نحو شهرين أجهضتا في اللحظات الأخيرة، بضغط سياسي مارسه حزب الله ولم يتوان الأمين العام السيد حسن نصرالله عن الاعتراف بذلك علنا.

ولا يخفى على أحد أن مرارة التجربتين السابقتين  تساهم إلى حد بعيد في فرملة الاندفاعة التفاؤلية المفاجئة، من باب خوف تبديه بعض الأوساط السياسية السيادية إزاء أرنب قد تخرجه الضاحية من جعبتها لإطاحة الحل الموعود، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع الاقليمية التي تطبخ على نارها حلول المنطقة التي يتوقع متفائلون أن توضع على سكة التنفيذ عام 2019.

وفي هذا السياق، تلفت الأوساط السيادية الآنفة الذكر عبر “المركزية” الى أن حزب الله ما انفك يؤكد بعيد الاستشارات النيابية التي انتهت إلى تسمية الرئيس الحريري أنه سيكون في رأس قائمة مسهّلي مهمة الرئيس المكلف، بدليل أنه كان سباقا (مع “نصفه الآخر”، حركة أمل)، في حسم مطالبه وحصته الحكومية فكان له، بطبيعة الحال، ما أراد. بحيث أن المكون الشيعي سيكون ممثلا في الحكومة بـ 6 وزراء، بينهم شاغلا حقيبتي المال والصحة، مع كل ما يعنيه ذلك من احتمالات مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي، ارتضى الحريري أن يخوضها –إذا وقعت فعلا- حفاظا على التسوية التي أعطت إشارة الانطلاق للعهد وأمنت ما يعتبره القائمون عليها استقرارا للبنان.

إلا أن الأوساط نفسها تعتبر أن الضاحية لم تبادل الحريري بمبادرة حسن نية، فانسحب طويلا من المشهد الحكومي تاركا حلفاءه يعالجون العقدة الدرزية، قبل أن يبادر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى التقاط لحظة التسوية السياسية، فحلت فجأة العقدة الدرزية من “كيس” رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في موقف جنبلاطي حامت حوله تساؤلات كثيرة، كونه رمى الكرة في ملعب بعبدا، بعدما كان وسم العهد علنا بالفشل”، مشيرة إلى أن حزب الله تلطى طويلا خلف ما عرف يوما بالعقدة المسيحية لتبرير التعطيل الحكومي. غير أن حلها بـ “ضربة معلم” من رئيس حزب القوات سمير جعجع وضع الضاحية في موقف شديد الحرج، لناحية إماطة اللثام عن المعطلين الحقيقيين، علما أن السيد نصرالله كان حذر، قبل ساعات من الاعلان المفترض لمراسيم التأليف في 19 تشرين الأول الفائت من أن “بعض العقد لم تؤخذ منذ البداية على محمل الجد”، في إشارة مبطنة  إلى العقدة السنية التي لا تزال حتى اللحظة عصية على الحل.

وفي وقت يدأب التيار الوطني الحر والمحسوبون على رئيس الجمهورية على ضخ التفاؤل في فضاء التشكيل، فإن الأوساط السيادية تفضل الركون إلى واقعية سياسية تفرمل هذه الاندفاعة، مشيرة الى أن فريق 8 آذار وحزب الله (باعتباره قاطرته الأساسية) في غير وارد التنازل الآن في سبيل تعبيد الطريق أمام التشكيلة الحكومية الموعودة، في انتظار ما ستؤول إليه تطورات المنطقة، والمكاسب التي يمكن أن يسجلها محور إقليمي في مرمى الآخر، وتاليا، لا تستبعد الأوساط أن تفرّخ عقد جديدة من حيث لا يدري رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.