IMLebanon

لبنان ينتظر تبريد “الأرض السياسية” ورسالة الحزب وصلت

ذكرت صحيفة “الراي” الكويتية ان بيروت كأنها في استراحة مُحارِبٍ، وهي الخارجة للتوّ من معركةٍ سياسيةٍ قاسية وبـ «السلاح الأبيض»، دارتْ رحاها في «المتر الأخير» قبل الإفراج عن حكومةٍ، مدّد الصراع على التوازنات فيها، بقاءها في «الإقامة الإجبارية» حتى إشعارٍ آخر.

فبيروت الموعودة بالحكومة هديةً في الأعياد نكّست فرَحَها، وسرعان ما تحوّلت ساحاتُها «هايد بارك» لغاضبين من سوء الأحوال، آتين من نواحي العاصمة والأرياف يطالبون بإستقالةِ سلطةٍ مستقيلة في إحتجاجٍ لم يجد سبيله بعد.

لم تكن السلطة، في بلاد الغرائب والعجائب، أقلّ تبرُّماً من الشارع… رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غاضبٌ، رئيس البرلمان نبيه بري ناقِمٌ، الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري صامِت، «حزب الله» مُرْتابٌ، «التيار الوطني الحر» مستاءٌ، أما الآخرون فوضعوا أنفسهم «على الرفّ».

أكثر المفارقات إثارةً التي أَظْهَرَتْها الجولةُ الأخيرةُ من «عضِّ الأصابع»، كان إنتقال «الحرب الصامتة» بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل إلى مواجهةٍ بـ «مكبرات الصوت»، ولغزُها «الثلث المعطل» في الحكومة العتيدة.

ورغم دراماتيكية ما عاشتْه بيروت ابتداءً من السبت مع تداعي التسوية في شأن تمثيل النواب السنّة الستة الموالين لـ «حزب الله» وتجدُّد الصراع على بعض الحقائب، فإن أمس حمل إشاراتٍ أطْلقها أطراف عدة حول أن الأمور في الملف الحكومي لم تعد الى «المربّع الأول» وهو ما عبّر عنه بوضوح رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد بإعلانه «لا نقول إننا عدنا الى نقطة الصفر، لكن لا تزال هناك عراقيل في التأليف»، داعيا الى «الحوار الذي هو مخرج لحلّ الأزمة».

وعَكَس الحرصُ على تظهير انتكاسة ما قبل الولادة الحكومية (كانت مقرَّرة السبت او الأحد) على أنها تَعثُّر وليس انهياراً، انطباعاً بأنه رغم حدّة الكباش حول عقدة تمثيل سنّة 8 اذار فإن هذا المأزق المستجدّ بات محدَّداً «قفلاً ومفتاحاً»، وسط اعتبار أوساط مطلعة أن أي تفاوُض في شأن هذه العقدة سيبدأ من حيث انتهت اليه مبادرة عون التي اصطدمتْ بمَن ستكون «المرجعية السياسية» للشخصية التي تفوّضها «مجموعة الستة» تمثيلها في الحكومة: هل رئيس الجمهورية أو «اللقاء التشاوري» (النواب السنّة الستة). علماً ان هؤلاء كانوا سَحبوا تفويض جواد عدرا للتوزير باسمهم على خلفية عدم حصولهم على تعهُّد منه بأن يكون جزءاً من كتلتهم ويلتزم بتوجُّهاتها حصْراً في الحكومة، مقابل تَمَسُّك رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بجعْله عضواً في تكتل «لبنان القوي» (المحسوب على عون).

وفي رأي هذه الأوساط أن أيّ استئنافٍ للوساطات حول الملف الحكومي بات يحتاج إلى وقتٍ لتبريد «الأرض السياسية» أولاً وتدوير زوايا أي مخارج بحيث لا تبدو «خسارة صافية» لهذا الطرف أو ذاك، في ضوء ما آلت اليه الجولة الأخيرة من «شد الحبال» على مستوييْن:

ارتسام خطيْن أحمرين متوازييْن، أوّلهما عنوانه استحالة أن يكون أي ممثل لسنّة 8 اذار من حصة رئيس الجمهورية بمعنى ان يكون عضواً في الكتلة المحسوبة عليه، ولا سيما أن مثل هذا الأمر يعني حصول فريق عون على 11 وزيراً اي الثلث المعطّل، وهو ما لا يسلّم به «حزب الله». والخطّ الثاني إعادة توزيع بعض الحقائب وفق ما كان أراده، الأمر الذي وقف سداً منيعاً بوجهه بالدرجة الأولى رئيس البرلمان نبيه بري الذي أبلغ الى الحريري خلال لقاء الربع الساعة بينهما (السبت): «مات الصبي وأنت بعدك عم تحكي باستبدال حقائب وتوزيعها من جديد»، ملوحاً بأنه «إذا عدتُم في توزيع الحقائب سنطالب بثمانية مقاعد (للثنائي الشيعي) وليس بستة».

التراشُق غير المسبوق وبـ «المصادر» بين طرفيْ تفاهم «مار مخايل»، اي «حزب الله» و«التيار الحر» وتحميل كل من الحليفين الآخر مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة و«الانقلاب» على تسمية عدرا وتموْضعه في الحكومة.

ورغم إصدار «حزب الله» ليل الأحد بياناً أعلن فيه انه «كل ما ينقل عن المصادر ما لم يصدر عن جهة رسمية أو مسؤول محدد في حزب الله باسمه، لا يعنينا إطلاقا ولا قيمة له»، إلا ان أوساطاً سياسية اعتبرت ان «الرسالة وصلت» الى «التيار الحر» الذي كان رئيسه غرّد «كان بدنّ إيانا نكذب، ونحنا ما منكذّب، ويمكن بدّن إيانا نستسلم، ونحن ما رح نوقّف لحتى تتألف الحكومة مثل ما لازم.. وتربح اماني اللبنانيين بهالعيد»؟ في موازاة كلام مصادره عن «انقلاب حصل» على اتفاق سياسي كان قضى بأن يكون عدرا «من ضمن حصة رئيس الجمهورية لا أن يتمّ اقتطاعها من حصة الرئيس».