IMLebanon

بين إمساك السلطة واستنزاف العهد… الحكومة في خبر كان

هذه المرة أيضا، خاب أمل اللبنانيين في ولادة حكومتهم المنتظرة منذ أكثر من 7 شهور، حتى أن بركة الأعياد لم تشفع بالرئيس المكلف سعد الحريري ليتمكن من انجاز مهمته على أكمل وجه. ذلك أن العقدة السنية التي اعتقد الجميع أن دخول اللواء عباس ابراهيم، على خط فكها، كفيل بتأكيد ولادة الحكومة بعد طول انتظار، عادت لتستفحل قاذفة التشكيلة الموعودة مجددا إلى عوالم الغيب، ومصيبة بشظاياها علاقات السياسيين في ما بينهم بأضرار قد “يحتاج إصلاحها إلى بعض الوقت”، على حد تعبير رئيس الجمهورية ميشال عون.

ولا شك في أن حبرا كثيرا سال وسيسيل في تحليل أسباب الفشل في فك لغز ما كان يفترض أن يكون اللغم الأخير على الطريق الحكومية. لكن أحدا لا يشك أيضا في أن الأسباب والحسابات الاقليمية لم تكن العامل الوحيد في إجهاض التشكيلة الحكومية في اللحظات الأخيرة، وهو أمر خبره اللبنانيون على مدى المسار التفاوضي الطويل. وفي هذا السياق، تشير مصادر سياسية عليمة عبر “المركزية” إلى أن الثلث المعطل الشهير يعد أحد العوامل التي أدت إلى عودة الأمور إلى نقطة الصفر، بدليل أن “حزب الله” سارع، من باب مصادره، إلى اتهام الوزير جبران باسيل، رئيس “التيار الوطني الحر”، بالانقلاب على بنود التسوية الحكومية الأخيرة.

ولكن المصادر تبدو حريصة، في هذا السياق، على وضع النقاط على الحروف، مذكّرةً بأن “التيار” وزعيمه لم يجاهرا علنا بأنهما يريدان حصة حكومية تضمن لهما القدرة على تعطيل الحكومة، على اعتبار أن “التيار” الذي أسّسه رئيس الجمهورية يجب أن يكون الرافعة الأساسية للعهد “العوني” وأحد أبرز عوامل نجاحه في تحقيق الطموح اللبناني من عهد وسمه أركانه بالقوة.

غير أن المصادر نفسها لا تفوّت فرصة الاشارة إلى أن التيار العوني لن يجد نفسه متضررا من الثلث المعطل إذا نجح في الحصول عليه، في ختام الجولة الجديدة من المفاوضات الحكومية المضنية، باعتباره وسيلة لتثبيت قبضة رئيس الجمهورية وفريقه على مجلس الوزراء، بما من شأنه أن يجنّب الرئيس عون الكأس المرة التي تجرعها سلفه الرئيس ميشال سليمان، ومعه الرئيس الحريري، حين أسقطت الحكومة الحريرية الأولى بضربة قاضية من “الوزير الملك” آنذاك عدنان السيد حسين، وبضغط من “حزب الله”.

وإذا كان من شأن هذه الصورة أن تدفع المصادر إلى تأكيد وجود أزمة ثقة تعصف برياحها على خط الضاحية – ميرنا الشالوحي، وهو ما قد يكون رئيس الجمهورية قد ألمح إليه بكلامه ذي السقف العالي من بكركي، فإنها تذكّر بأن تجربتي الفراغ الرئاسي الطويل والمماطلة الحكومية كرمى لأعضاء “اللقاء التشاوري” تفيدان بأن “حزب الله” لا يجد ضيرا في استنزاف العهد لتحقيق أهدافه، وآخرها منع باسيل وفريقه من الامساك بورقة التعطيل الحكومي. نظرة لا تترك أمام المصادر إلا خيار إبداء الخشية من انتظار حكومي طويل، فيما التحذيرات من انهيار يكمن للبلاد عند الاستحقاقات المالية والدولية المهمة، لا تعد ولا تحصى.