IMLebanon

قرار التشكيل اقليمي بامتياز ولا حكومة إلا باشارة خارجية

اذا كان الاعتقاد السائد ان ما يمنع الرئيس سعد الحريري من تشكيل حكومته منذ سبعة اشهر ونيف هو مجرد عقبات داخلية على خلفية مطلب توزيري من هنا او شرط سياسي حكومي من هناك، فإن آخر السيناريوهات التي فرملت الاندفاعة نحو الولادة في لحظاتها الاخيرة للمرة الثانية أثبت بما لا يرقى اليه شك ان مفتاح قرار التشكيل ليس في جيب الرئيس الحريري ولا حتى في يد اي فريق سياسي لبناني، الا حينما تفرج عنه الجهات الاقليمية التي تقضي مصلحتها باستمرار الامساك بورقة لبنان الى حين ترتئي العكس.

وعلى رغم ان البعض ما زال يصرّ على الطبيعة الداخلية للعقدة الحكومية، معززا اعتقاده هذا بأن اتفاق اطراف الداخل بين بعضهم البعض على حل الازمة واخراج الحكومة الى النور متى ارادوا، لا يمكن ان يمنعه قرار اقليمي او دولي، فإن فريقا آخر يربط ابصار الحكومة النور عضويا بما يدور على مسرح ازمات المنطقة من كباش وشد حبال يوحي باتجاهها نحو مزيد من السخونة التي تفترض على اطراف الصراع الامساك بأوراق القوة التي يمتلكونها وعدم التنازل عنها بالسهولة التي يعتقدها البعض.

ويقول اصحاب وجهة النظر هذه لـ”المركزية” ان مجرد قراءة بسيطة لتطورات الساعات الاخيرة وعلى وجه الخصوص الغارات الاسرائيلية على دمشق ليلا والتي تردد انها استهدفت مسؤولين ايرانيين ومن حزب الله، بعدما انطلقت المقاتلات الاسرائيلية من بوارج حربية مقابل عدلون مطلقة بالونات حرارية على علو منخفض فوق صيدا والزهراني، بما يعني ذلك، يفترض ان يحمل القوى السياسية المعرقلة على الاستنفار لتشكيل حكومة في اسرع وقت تحسبا لاي مواجهة عسكرية قد تقع نسبة للتداعيات الخطيرة الممكن ان تصيب لبنان في غياب حكومة فعلية تواجه حالة الحرب في ما لو حصلت، الا ان ارتباط القرار الحكومي بالخارج يجعلهم عاجزين عن الاقدام على خطوة جريئة من هذا النوع، لا سيما اذا كان الارتباط المشار اليه وجوديا مصيريا يقدم مصلحة هذا الخارج على الوطن ومصيره. واذ يستبعد هؤلاء الربط بين الغارات الاسرائيلية والملف الحكومي، يشيرون الى ان ايران الاكثر استخداما لساحة لبنان في اطار كباشها المحتدم مع واشنطن تبقي على قرار تشكيل الحكومة للمقايضة عليها، على قاعدة “نفذوا ما يناسبني والا فالفوضى وضرب الاستقرار والامن في لبنان الذي تعتبرونها خطا احمر”. والا، لمَ في كل مرة “تصل لقمة التشكيل الى الفم تطل عقدة جديدة برأسها لتعيد الامور الى الوراء وتوسع رقعة الخلافات، علما ان طبيعة هذه العقد وذرائعها لم تعط تنطلي على اللبنانيين”؟

وفي معرض تثبيت النظرية هذه، يستشهد هؤلاء بموقف للرئيس نبيه بري منذ يومين حينما أبدى قلقاً كبيراً إزاء ما ينتظر البلد في المرحلة المقبلة، معتبراً أن “ما حصل يؤكّد وجود أطراف لا تريد للحكومة أن تولد بالمطلق، وأن الموضوع على ما يبدو أكبر من ثلث معطّل وحقائب وحصص”، لافتا  إلى “وجود قطبة مخفية من طريقة طرح توزير جواد عدرا ومن ثم التمسك به على اعتبار أنه من كتلة الرئيس، لكن ملامح هذه القطبة لم تتضح بعد، وأن من الواجب التنبه جيداً ومراقبة ما يجري”. وربط برّي التطورات الأخيرة في الداخل بما يجري في الإقليم، ملمحاً إلى أن “ثمّة شيئاً يحضّر للبلد والمنطقة”، وقال إن الانسحاب الأميركي من سوريا لا يُمكن أن يكون من دون ثمن.” ويقولون ان الرئيس بري القارئ الجيد في التطورات الخارجية يستشعر اتجاه الرياح الاقليمية ويحرك ابرة بوصلة مواقفه في اتجاهها، فهو اشار بالاصبع الى مكمن العقدة المتأتي من خارج الحدود، من دون ان يسمي الجهة التي يحركها الخارج وما اذا كانت واشنطن ام الرياض ام طهران، رغم استبعاد الاخيرة، الا انها تبقى احتمالا خصوصا اذا ما كانت “انتينات” الرئيس بري بدأت تلتقط ذبذبات التحولات المقبلة على المنطقة عموما ولبنان من ضمنها بعيد الانسحاب الاميركي من سوريا الذي لا يمكن الا ان يكون منسقا مع روسيا من ضمن سيناريو التسوية السياسية التي تعد لسوريا ومن ضمنها اخراج ايران منها، بما يعني قرار من هذا النوع على وضع الحزب. ويختم هؤلاء: حينما ترد الاشارة الاقليمية لحزب الله للافراج عن الحكومة ستولد في لحظات بالفرض او بالمونة لا فرق.