IMLebanon

وساطات واقتراحات… لكن لا حل حكوميًا في الأفق!

في وقت تدور اتصالات خجولة خلف الكواليس تبدو محصورة حتى الساعة في أروقة بعبدا وميرنا الشالوحي والمديرية العامة للامن العام، محورها إنعاش المبادرة الرئاسية الحكومية التي تهاوت نهاية الاسبوع الماضي تحت وطأة ضربات تلقّتها من كل حدب وصوب، تشير مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” الى ان تركيز الجهود على إحياء الوساطة “المنكوبة” كبابٍ يقود الى تأليف الحكومة، قد لا يكون أمرا “ذكيا”، وهو قد لا يفي بالغرض في ظل المعطيات السياسية الراهنة. والخشية كبيرة ان تلقى جولة المشاورات الجديدة بين الجهات المعنية بعقدة “اللقاء التشاوري”، مصير التي سبقتها، فنكون امام حرق اضافي مكلف للوقت.

بحسب المصادر، الصراع اليوم بات مكشوفا بين “التيار الوطني الحر” (ومعه بطبيعة الحال رئيس الجمهورية) و”حزب الله” على الثلث المعطل، ما يعني ان ايجاد اسم يتفق عليه الجانبان لتمثيل “اللقاء التشاوري” في الحكومة العتيدة قد لا يكون أمرا سهلا. فكلّ منهما يريد ضم الشخصية السنية الى حصّته، لاسيما رئيس “التيار” الوزير جبران باسيل، بما يرفع عدد وزرائه الى 11، فيما “اللقاء التشاوري” لن يقبل الا باسم ولاؤه خالص له.

وعليه، تضيف المصادر ألّا “انبعاث” للوساطة الرئاسية الا بتنازل من قبل الفريق الرئاسي، أو “حزب الله”، عن الثلث، والامر يبدو حتى الساعة بعيد المنال وهو مرتبط بإنضاج جملة اتفاقات بين طرفي تفاهم مار مخايل، تبدأ بالحكومة ولا تنتهي بالانتخابات الرئاسية المقبلة!

أما اذا كان المطلوب فعلا تأليف حكومة لا تحقيق مصالح فئوية سياسية، فمن الضروري توسيع مروحة الخيارات – المخارج. ومنها، مثلا، البحث جديا في تشكيل حكومة اختصاصيين او تكنوقراط، فتتولى مهمة انقاذ البلاد من الهلاك الاقتصادي والامني الذي يتهددها. وهذا الطرح، الذي شدد عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في مواقفهما في عيد الميلاد، يقطع الطريق على المناكفات السياسية وصراعات الاحزاب على الحصص والاحجام، ويضع حدا للتدخلات الاقليمية ايضا في عملية التأليف، ويؤمّن انطلاقة سريعة لورشة الانقاذ التي باتت ملحة.

وفي حين يبدو هذا الخيار مستبعدا او غير وارد لدى معظم القوى السياسية، ترددت معلومات عن توجّه لدى الرئيس المكلف الى الاعتذار فيعاد تكليفه مرة جديدة بإجماع سياسي “أضيق”، بما يخفف عليه الشروط ويسهّل عمليه التأليف. الا ان المصادر تحذّر من ان خطوة كهذه فيها مخاطرة وقد لا تكون مضمونة النتائج وقد ترمي التكليف والتأليف في المجهول، وهي تعيد الامور الى ما دون المربّع الاول، حيث سيتعين على المعنيين اعادة رسم “البازل” الحكومي بأحجامه وحصصه وتوزيعة حقائبه من الصفر.

وبعد سرد هذه السيناريوهات كلّها، تعود المصادر لتذكّر بأن الطريق الاسهل والاسرع الى الحكومة يتمثّل بالعودة الى الدستور والقوانين التي قال رئيس الجمهورية ميشال عون ان ثمة من يحاول الخروج عنها وفرض اعراف جديدة. وتقول ان الدستور يضع مهمة التأليف في يد الرئيس المكلف بالتشاور والتنسيق مع رئيس الجمهورية. فهل يتسلّحان بصلاحياتهما، ويضعان الجميع امام مسؤولياتهم وامام الامر الواقع، ويرسمان الحكومة التي يريانها الانسب؟ إن لم يفعلا واستمرت التدخلات من قِبل اطراف اخرى في عملية التشكيل، فإن الشغور الحكومي مرشّح للاستمرار طويلا.