IMLebanon

حمى الله لبنان واللبنانيين في الـ2019…(بقلم رولا حداد)

لست في وارد الدخول في سباق مع المنجمين وعلماء الفلك والأبراج والعرّافين والعرافات، وما أكثرهم في مناسبة رأس السنة، لكن ما أحاول أن افعله في هذه السطور هو استشراف الأشهر الـ12 المقبلة من سنة جديدة تعد بأن تكون الأكثر سخونة على كل المستويات، في خضمّ مجموعة تحولات إقليمية غير مسبوقة في السنوات الثمانية الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الثورة في سوريا.

أمنياً يبدو لبنان أمام خطر عملية عسكرية إسرائيلية من اليوم وحتى شهر نيسان المقبل، موعد الانتخابات الإسرائيلية. وبنيامين نتنياهو يجد نفسه اليوم في مأزق بعد ما حصل في غزة واستقالة أفيغدور ليبرمان، ويحتاج لتعويم شعبيته الى أن يحاول أن يبرهن أن إسرائيل لا تزال قوة ردع في المنطقة، وبهذا المعنى أمامه ساحتان فقط سوريا ولبنان، ما يجعل لبنان الخاصرة الأضعف بعد سلسلة قرارات عربية متتالية بالعودة الى سوريا، وبفعل أن الغارات الإسرائيلية على الداخل السوري لم تتوقف ولم تجدِ نتنياهو نفعا!

في المقابل يبدو لبنان معلقاً على حبال الهواء من دون حكومة وسلطة تنفيذية تستطيع أن تفعل شيئاً، لا بل يستمر منطق التعطيل بأوجه مختلفة في ظل صراع داخلي مقيت على السلطة، وفي ظل إصرار “حزب الله” على ربط وضع لبنان بأوضاع المنطق من اليمن مرورا بالعراق وصولاً الى سوريا، ما يعني أن الاستقرار السياسي في الداخل اللبناني سيبقى معلّقاً على وقع المصالح الإيرانية في الإقليم، أي أنه وحتى لو تشكلت الحكومة فلن نعرف الاستقرار في انتظار نتائج المواجهة الإيرانية- الأميركية على وقع العقوبات الأميركية على إيران و”حزب الله” معاً.

أما اقتصادياً فحدّث ولا حرج عن أوضاعنا اللبنانية على عتبة انهيار اقتصادي ومالي بات محتوماً ما لم تحصل معجزة لا يبدو أنها واردة في الأفق. وفي حين المسؤولون يتخاصمون حول جنس الحصص والحقائب ويتراشقون بالاتهامات ويعرقلون أي إمكانية للإصلاح والنهوض الفعلي، يبدو الوضع المالي في لبنان أمام كارثة فعلية قد تطيح بالاستقرار النقدي بمستقبل اللبنانيين ومدّخراتهم في لبنان ليس فيه أي ضمانات اجتماعية. يكفينا أن المؤسسات المالية العالمية أقرت تعديل تصنيف لبنان مالياً باتجاه سلبي بفعل المخاوف من عدم قدرة الدولة على الإيفاء بمستحقاتها المالية.

وإذا كان البعض يعوّل على الأموال الموعودة في مؤتمر “سيدر”، فلا بد من التذكير أنه باستثناء بعض التشريعت المحدودة منذ نيسان الماضي، لم تقدم الدولة اللبنانية على أي إجراءات إصلاحية فعلية، مع العلم أن الإصلاحات في “سيدر” تشكل شرطاً مسبقاً لتمويل المشاريع المقدمة بموجب قروض ميسرة. لا بل إن ما حصل في الأسابيع والأيام الأخيرة يشير بوضوح الى استمرار التعاطي وفق منطق “الجبنة” والمحاصصة والزبائنية السياسية مع مشاريع “سيدر” بعد محاولات التناتش التي شهدناها للحقائب الوزارية التي ستشرف على تنفيذ مشاريع متعلقة بـ”سيدر”!

في الخلاصة، لا يبدو الأفق في الـ2019 وردياً على الإطلاق، لا بل إن حجم المخاطر المحدقة بلبنان مقارنة مع درجة اللامسؤولية في تعامل المسؤولين مع هذه المخاطر يشي بأننا مقبلون على سنة كارثية بكل ما للكلمة من معنى.

حمى الله لبنان واللبنانيين في الـ2019…