IMLebanon

هل يكون خليفة الحريري من “اللقاء التشاوري”؟!

قبيل ذكراه الثالثة عشرة، يبدو تفاهم مار مخايل الذي يربط التيار الوطني الحر وحزب الله منذ شباط 2006 في عين عاصفة حكومية تنعكس برودة بلغت حد الشلل في مفاوضات التشكيل المنتظر منذ أكثر من ثمانية شهور، والمعلق على حبال الكباش بين بعبدا والضاحية، الذي ما عاد شيء قادرا على اخفائه عن المتابعين عن مسار مفاوضات التأليف. ولم يكن أدل إلى ذلك إلا التصريح الذي أدلى به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام الصحافيين عقب قداس الميلاد في الصرح البطريركي في بكركي، حيث بدا حريصا على اختيار كلماته بعناية ليوجه رسالة مبطنة إلى حليفه التقليدي، متحدثا عن “محاولات من جانب البعض لاستحداث أعراف جديدة في تشكيل الحكومة”. موقف  اعتبر سهما مباشرا في اتجاه حزب الله الماضي بلا هوادة في دعم اللقاء التشاوري السني، بما يفسر استفحال العقدة السنية.

وفي سياق بذل الجهود في سبيل التأكيد على التمسك بالعلاقة الاستراتيجية  مع الرئيس عون، تدرج مصادر مطلعة على مسار التشكيل عبر “المركزية” الزيارة التي قام بها وفد من حزب الله إلى بكركي، حيث حرص عضو المجلس المركزي في الحزب محمود قماطي على ضخ أجواء ايجابية في ملف التشكيل، ذاهبا إلى حد القول إن الحكومة ستبصر النور خلال أيام.

وفي هذا الاطار، تكشف المصادر أن المواقف الايجابية التي أدلى بها قماطي أتت بعيد لقاء شهد نقاشا حادا بين البطريرك الراعي ووفد حزب الله، حيث وضع الراعي النقاط على الحروف، وحضه على تسهيل مهمة الرئيس المكلف.

على أن استفحال العقدة السنية، وعودة اللقاء التشاوري، بلسان بعض أعضائه، معطوفين على الهجوم العنيف الذي شنه عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق على الرئيس المكلف، لا يبشران بأن الحكومة ستبصر النور قريبا. صورة لا تترك لمصادر سياسية سيادية إلا خيار تقديم تحليل قاتم جدا للواقع الحكومي عبر “المركزية”. وتلفت المصادر إلى أن الحزب، وهو الفريق السياسي الوحيد الذي يتمتع بفائض قوة يتيح له ترف اللعب على وتر تغيير المعادلات السياسية، لا يرى مصلحة له في تشكيل الحكومة راهنا، وهو سيستفيد من هذا الفائض للمضي في دق الأسافين بين مكونات ما يعرف بـ “سيبة العهد”، بدليل أنه دعم الوزير طلال إرسلان في المواجهة مع النائب وليد جنبلاط، في محاولة لضرب العلاقة بين بعبدا والمختارة، التي سجلت نقاط التقاء كثيرة مع حليفها الأزرق، الركن الأساس في التسوية التي يتكئ عليها عهد الرئيس ميشال عون.

وتبعا لهذه الصورة، تؤكد المصادر الآنفة الذكر أن الاشتباك الحاد حول ما بات يعرف بالعقدة السنية، يتجاوز السجال حول الحصص والتموضع السياسي للوزير “الملك”، ليحمل بين سطوره رسالة مبطنة إلى الرئيس المكلف تذكّره فيها الضاحية بأنه ما عاد قادرا على اكتساح الساحة السنية وحيدا، علما أن الحريري كان قد ارتضى السير بقانون انتخابي نسبي، كان على علم بأنه سيلحق خسائر في حجمه التمثيلي، بدليل تقلص حجم الكتلة النيابية الزرقاء في المجلس الجديد.

وتذهب المصادر بعيدا جدا، إلى حد ترجيح أن يكون هدف الحزب، من وراء العقدة السنية، العمل على أن يكون خليفة الحريري في السراي الحكومي، أحد أعضاء اللقاء التشاوري السني، وإن كان لا يحبذ أي تغيير في هوية رئيس الحكومة راهنا لاعتبارات محلية واقليمية.