IMLebanon

موقف بري يتجاوز ملف الصّدر لفتح صفحة جديدة مع الاسد

فجأة، ومن دون مقدّمات، قرر رئيس مجلس النواب نبيه بري، على مسافة ايام قليلة من القمة الاقتصادية التنموية العربية التي تستضيفها بيروت في 19 و20 كانون الثاني الجاري، المطالبة بإرجائها.

وفي وقت ترافق موقفه مع “انتفاضة شيعية” داعمة، حملت المطلب نفسه، وذلك اعتراضا على مشاركة ليبيا، التي أكد المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى اليوم بعيد اجتماع طارئ “انها ضالعة في مؤامرة اختطاف الامام موسى الصدر”، داعيا “الحكومة اللبنانية إلى الالتزام بما نصّت عليه البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة ودعم عمل لجنة المتابعة الرسمية”، لافتا الى أنّ “السلطة الليبية الحالية ترفض التعاون وتنفيذ مذكرة التفاهم الموقّعة بين البلدين بشأن هذه القضية”، قالت مصادر سياسية “سياديّة” عبر “المركزية” إن هذا العذر يبدو “ضعيفا” خاصة وأن ليبيا سبق وشاركت في القمة العربية التي عقدت في بيروت في العام 2002، عبر وفد رفيع المستوى وهو ما ذكّرت به اليوم اللجنة الاعلامية المنظمة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، ضمن بيان حمل ايضا توضيحا بأن الرئيس بري أبلغ عضوين في اللجنة موافقته على دعوة ليبيا على ان توجه الدعوة عبر القنوات الديبلوماسية، فتم ذلك بواسطة مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية (مع ان مكتب الرئيس بري الاعلامي عاد وأعلن بأن هذه المعلومات تحديدا مختلقة وعارية من الصحة تماما).

واذ تلفت الى ان مسألة دعوة ليبيا، لم يأت بري أصلا على ذكرها حين طالب في لقاء الاربعاء بإرجاء القمة، بل ربط موقفه بضرورة دعوة سوريا الى القمّة، وهو ايضا ما جاء في بيان قناة “ان بي ان” التابعة لحركة امل امس، حيث خلا من اي اشارة الى قضية ليبيا، وبرّر مقاطعة تغطية القمة بغياب “سوريا الشقيقة” عنها، تعتبر المصادر ان ثمة اذا حسابات واعتبارات أخرى دفعت برئيس المجلس الى اطلاق دعوته هذه، لعلّ أبرزها التطورات التي شهدها الملف السوري في الآونة الاخيرة والتي أظهرت ان الرئيس بشار الاسد باق في الحكم.

وفي ظل ما يُحكى عن فتور شاب العلاقة بين الاخير وبري حيث يأخذ الرئيس السوري عليه عدم وقوفه قلبا وقالبا، كما حزب الله، الى جانبه في المواجهة التي يخوضها، قد يكون تصعيد بري هدفه فتحَ صفحة بيضاء جديدة مع الاسد واعادة الدفء الى العلاقات التي “بردت” سابقا بين الرجلين، خاصة وان رئيس المجلس يدرك تماما ان البت في مسألة دعوة دمشق او لا الى القمة، أمر تحسمه جامعة الدول العربية لا لبنان…

ووسط الضجة المثارة حول الاجتماع العربي المرتقب، تضيء المصادر على جانب آخر من الصورة. فهي تلفت الى ان رئيس المجلس لطالما اعتُبر محليا واقليميا ودوليا، الشخصية الشيعية “المعتدلة” التي يمكن ان “تأخذ وتعطي” معها خلافا لحزب الله، وهو الرجل الذي رفع ولا يزال لواء “الدولة المدنية” وسط بحر من التزمّت الطائفي والمذهبي. كما انه في منظار اللبنانيين خصوما وحلفاء، والاجانب، عربا وغربيين، صمّام أمان لبيئته، يعرف متى وكيف يتدخّل لحمايتها وخلق توازن مع مواقف شريكه في الثنائي الشيعي “حزب الله” التي غالبا ما تجنح نحو التطرف سياسيا وعسكريا… ويُعدّ صوتا “عقلانيا” على الصعيد الشيعي والوطني، لطالما حمى بمواقفه ومبادراته الاستقرار والسلم الاهلي… فهل يلتقي موقفه من القمة اليوم مع توجّهاته “التهدوية” المعهودة، خاصة وان دعوة الاسد الى القمة تشكل استفزازا لشريحة واسعة من اللبنانيين تتهم النظام السوري بتصفية وخطف واعتقال الآلاف على مر السنوات الماضية؟