IMLebanon

واشنطن… مقفلة وحزينة وباردة

كتب حسين عبدالحسين صحيفة “الراي” الكويتية:

دخل الرئيس دونالد ترامب، التاريخ من بوابته الخلفية من خلال الاقفال الجزئي الذي تعيشه الحكومة الفيديرالية، لتصبح اطول فترة اقفال تعيشها الولايات المتحدة، متقدمة على الفترة الأطول التي تم تسجيلها اثناء ولاية الرئيس السابق بيل كلينتون.

ودخل «الإغلاق» الذي يشل جزءاً كبيراً من الإدارات الفيديرالية يومه الـ22 ليل الجمعة – السبت.

وتجاوزت مدة هذا التوقف الجزئي عند الساعة 00,00 الجمعة (05,00 ت غ السبت) في عمل الحكومة الفيديرالية الذي بدأ في 22 ديسمبر، الـ21 يوماً التي سجلت في عهد كلينتون.

وقد دامت الأزمة المالية، في عهد الرئيس الديموقراطي، المرة الأولى، ستة أيام – من 14 إلى 19 نوفمبر 1995، ثم من 16 ديسمبر إلى 6 يناير 1996.

والاقفال الجزئي يطول كل مرافق الحكومة، باستثناء الوكالات الامنية، وهو تسبب ببطالة 800 ألف عامل، لم يتقاضوا مرتباتهم منذ نحو ثلاثة اسابيع. واصاب الاقفال العاصمة واشنطن بشكل خاص، اذ تعيش فيها اكبر نسبة من العاملين في الحكومة.

وبسبب انقطاع مداخيلهم، راح بعض الموظفين الحكوميين يعملون كسائقي سيارات اجرة (اوبر)، لكن واشنطن وضواحيها شبه فارغة بسبب التوقف الحكومي عن العمل، ويزيد في الطين بلة ان عدد الموظفين الحكوميين كبير ممن حوّلوا سياراتهم الخاصة الى سيارات بالاجرة، وهو ما رفع العرض في شكل كبير جداً، وسط طلب ضعيف.

وفيما يعاني بعض سكان العاصمة الاميركية من ضائقة مالية حادة، ويعاني بعضهم صحياً بسبب توقف ضمانهم الصحي رغم حاجتهم لعلاج مستمر، حاول بعض المؤسسات الدينية، المسيحية واليهودية والاسلامية، المساهمة في فك ضائقة المأزومين، وراحت مؤسسات الخدمات – مثل الكهرباء والمياه والهاتف – تعلن توقفها عن مطالبة موظفي الحكومة بسداد أي من المبالغ المتوجبة عليهم الى حين نهاية الاقفال الحكومي. حتى المسارح ودور السينما، أعلن بعضها السماح لموظفي الحكومة وعائلاتهم حضور العروض التي يقدمونها مجانا.

ثم أدلت الطبيعة بدلوها، وكأنه لم يكن ينقص واشنطن المقفرة والحزينة إلا عاصفة ثلجية ساهمت في المزيد من التعطيل، في وقت تراوح عملية اعادة فتح الحكومة في مكانها، بسبب تصلّب ترامب واصراره على عدم التوقيع على اي قانون لتمويل المؤسسات الحكومية ما لم يتضمن القانون مبلغ 5 مليارات و700 مليون دولار لتمويل بناء جدار فاصل على الحدود الجنوبية مع المكسيك، يمنع تدفق الوافدين غير الشرعيين، الذي بلغ عدد من دخلوا منهم الولايات المتحدة قرابة 400 الف، العام الماضي. هؤلاء طلبوا اللجوء الانساني، متذرعين بانفلات الأمن، وخطورة العيش في دولهم، مثل في هندوراس وفنزويلا وغيرها.

وفيما يواصل مجلس النواب في الكونغرس، الذي سيطرت عليه، منذ مطلع يناير الجاري، غالبية تابعة للحزب الديموقراطي المعارض، اقرار القوانين المتتالية التي تهدف الى فتح وكالات الحكومة الفيديرالية ووزاراتها، من غير وزارة الأمن القومي المعنية بموضوع أمن الحدود الجنوبية حتى يتم التفاوض على موازنة هذه والجدار في وقت لاحق، يتمسك ترامب بمبدأ، اما تمويل كامل، بما في ذلك للجدار، أو لا تمويل للحكومة ابداً. ورفض يعني سقوط المشروع في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حزبه الجمهوري.

ومع استمرار الأزمة واصرار كل طرف على موقفه، أعلنت مصادر البيت الابيض ان ترامب يستعد لاعلان موضوع الجدار «أزمة وطنية طارئة»، وهو ما يخوله الانفاق بمرسوم تشريعي، ومن دون قانون صادر عن الكونغرس.

وأعلنت وزارة الدفاع (البنتاغون) عن توفر 13 ملياراً اضافية في موازنتها، كانت مخصصة للكوارث الطبيعية العام الماضي، ما يعني انه يمكن انفاق المليارات الخمسة المطلوبة على بناء الجدار. لكن هذه الالتفافة عرضة لقيام الهيئات الاهلية بمقاضاة الحكومة ووقف بناء الجدار، على اعتبار ان موضوع الحدود لا يندرج في خانة «أزمة وطنية طارئة»، كما يقول ترامب.

ونشر الرئيس الأميركي، الجمعة، على «تويتر» صورة تظهر قسما جديداً حديدياً من الجدار، مؤكداً أنه «مضاد للتسلق وعال جدا وقوي وجميل».

ووسط احباط موظفي الحكومة الفيديرالية، واقفال العاصمة بشكل شبه كامل، تدهورت شعبية ترامب، لتصل معدل 40 في المئة، في وقت اعتبر 54 في المئة من الاميركيين انهم يعارضون سياسات الرئيس. حتى مراكز استطلاع الرأي، مثل «راسموسن» اليميني، اظهر ان معارضي ترامب اكثر من مؤيديه بنسبة تسع نقاط مئوية، وهي نسبة مرتفعة تنذر بأن اقفال الحكومة قد «يكلف ترامب رئاسته»، حسب ما عنونت مجلة «اتلانتيك»، التي تملكها أرملة مؤسس شركة «آبل» الراحل ستيف جوبز.