IMLebanon

فائض القوة يحكم لبنان ومؤسساته

بات كل شيء جاهزا لاستضافة لبنان القمة التنموية الاقتصادية العربية ابتداء من الخميس المقبل. الترتيبات الادارية والاجراءات الميدانية كلّها اكتملت أو تكاد للحدث المنتظر. وفي وقت تعتبر مصادر سياسية سيادية ان هذه الاستعدادات يفترض ان تُظهر قدرة بيروت على تنظيم منتديات كبرى بأفضل شكل خاصة من الناحية اللوجستية، فإن “القشرة” الجميلة هذه، على حد ما تقول لـ”المركزية”، لن تتمكن من حجب حقيقة لبنان، “شبه الدولة” او “الدولة المهشّمة”، وفق توصيفها.

ففيما لا حكومة منذ قرابة الثمانية أشهر، بفعل اصرار فريق سياسي هو “حزب الله” على تأليف حكومة صديقة لتوجّهاته المحلية والاقليمية، او “بَلا حكومة”، دائما بحسب المصادر التي ترى في هذا الواقع السلبي نتاجا لتجاوز الدساتير والقوانين، غضّ العرب النظر عن الكباش اللبناني وقرروا المضي قدما في اقامة القمة الاقتصادية في بيروت.

غير ان ما لم يخطر في بالهم، او ربّما خطر، هو ان تطالهم تداعيات هذا الخلاف، مباشرة. والحال، ان الجامعة العربية تدرك ان ثمة تباينات بين اللبنانيين حيال سياستهم الخارجية، الا انها لم تتخيّل ان الدولة اللبنانية عاجزة الى هذا الدرك عن فرض التزام جميع المكونات الداخلية، بقراراتها، ومسألة حضور ليبيا القمة اسطع دليل.

فما جرى على هذا الصعيد يشكّل دليلا اضافيا الى ان لبنان يكاد يتحوّل دولة مارقة، لا قيمة فيها للدستور والمؤسسات، تحكمه “شريعة الغاب”، حيث يفرض الاقوى ارادته.

ووفق المصادر، يقود التدقيق في ما رافق الكباش حول مشاركة ليبيا في القمة الاقتصادية الى استنتاجات خطيرة. فالقيمون على اعداد القمة اكدوا مرارا ان “الجامعة” هي من يبتّ في الدول التي تُوجّه او لا توجّه اليها الدعوات، أما لبنان فدولة مضيفة للقمة لا أكثر. ووجهة النظر هذه حملها رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل. ومن هنا، دعيت ليبيا ولم تدع سوريا.

الا ان “فائض القوّة” واستسهال جهات سياسية تحدّي الدولة عبر عراضات في الشارع واعمال شغب ترافقت مع تهديدات للوفد الليبي، معطوفا على ما تردد عن إحجام أجهزة معنية بتأمين دخول أعضاء الوفد الى بيروت، عن القيام بواجبها في هذا الخصوص، أطاح الموقف الرسمي وفرض نفسه، فكان له ما يريد “ليبيا قررت عدم المشاركة في القمة”.

وما يفاقم خطورة ما حصل، وقوفُ المعنيين لبنانيا، في موقع الصامت المتفرّج. فأي قرار بمنع المشاغبين من التحرك على الارض في واجهة بيروت البحرية لم يصدر، وأي موقف منتقد اللامبالاة بالاصول والقوانين التي تظهر بوضوح من يرسم سياسات لبنان الخارجية، لم يصدر ايضا، بل تم الاكتفاء ببيان أسفت فيه “الخارجية” لموقف ليبيا عدم حضور القمة.

واذ تشير الى ان منطق “التشبيح” سدد مرة جديدة ضربة كبيرة قد تكون “قاتلة” في وجه الدولة ومؤسساتها، تقول المصادر السيادية ان التعويل كان كبيرا على نجاح رئيس الجمهورية في فرض موقفه –وهو الموقف الصائب- في مسألة القمة، الا انه لم يفلح “مع الاسف” في تحقيق ذلك.. فهل بات “فائض القوة” أقوى من الرئيس “القوي”؟