IMLebanon

تقليص مستوى التمثيل في “القمة” رسالة سياسية وأمنية للبنان

الإشكالات الداخلية أثّرت على مستوى التمثيل”. بالفم الملآن قالها مندوب الكويت في القمة العربية الاقتصادية حينما سئل عن اسباب تضاؤل حجم المشاركة العربية وتراجع مستوى التمثيل الى الحد الادنى. فالمعلومات المتوافرة حتى الساعة تشير الى ان الحضور الرئاسي لن يتخطى اصابع اليد الواحدة، في مشهد لا يستحقه لبنان الذي دُفع دفعا بإرادة جهات سياسية نافذة في اتجاه لا يليق بموقعه ولا بتاريخه العربي الناصع في استضافة القمم على اعلى المستويات. سبحة الاعتذارات الرئاسية بلغت حدها الاقصى اليوم مع الابلاغ عن عدم مشاركة امير الكويت، ليقتصر الحضور على 19 دولة على مستوى وزراء ووكلاء وزراء. فما الذي حصل ولماذا؟

تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” ان وقع الرسالة الليبية بملابساتها كان بالغ السلبية على العرب وجامعتهم، اذ قرأها القادة العرب من زاويتين امنية وسياسية.

في الجانب الامني، اعتبر هؤلاء ان ما جرى لجهة نزع افراد حزبيين بقرار ذاتي وبمعزل عن رأي السلطة عَلم دولة عضو في الجامعة العربية من امام مقر انعقاد القمة الاقتصادية في بيروت من دون ان تردعهم الاجهزة الامنية المولجة تأمين الحماية للحدث، معطوفا على تهديدات الفريق السياسي نفسه بمنع الوفد الليبي من دخول لبنان وعدم خروجه من المطار فيما لو حطّ فيه، يثبت ان بيروت عاصمة غير آمنة ما دامت القدرات الحزبية تتفوق على قرار السلطات السياسية والامنية الرسمية ولا تستأهل تاليا حضور الرؤساء والملوك اليها.

اما الرسالة السياسية فمفادها ان على رغم تفهم الخصوصية اللبنانية وحراجة الامر الواقع الذي يفرضه فريق سياسي حزبي على البلاد من زاوية امتلاكه السلاح، الا ان هذا التفهم لا يبرر رضوخ السلطة السياسية لقراره وتاليا غير مسموح التساهل مع ممارسات على نحو ما جرى من دون ان تكون للدولة كلمتها والاكتفاء باعتذار لا يبرر حجم الاساءة. وتاليا الرد على ما اوحى بمنح الغطاء لهذا الفريق للقيام بما قام به او على الاقل العجز حتى عن محاسبته وغياب القرار السيادي، بتقليص حجم المشاركة القيادية الى الحد الادنى تحت عنوان العجز عن توفير سلامة الملوك والرؤساء الضيوف.

وتضيف المصادر: “اما القول ان رسالة اميركية وُجهت الى العرب لعدم المشاركة او تبسيط “الغياب الرئاسي” باعتبار القمة اقتصادية وليست سياسية فليس سوى محاولة تعمية على الواقع وتهرب من تحمّل مسؤولية ضعف القمة، اذ ان الغياب متعمّد بهدف توجيه رسالة واضحة للسلطة اللبنانية العليا عنوانها: لست على قدر المسؤولية، وهي تكاد تكون من اقسى الضربات التي سددها “الثنائي الشيعي” للرئيس ميشال عون منذ تسلمه مهامه الرئاسية وربما قبلها”.

لِمَ لم تلغ القمة اذا؟ تجيب المصادر بالإشارة الى ان “العرب الحريصين على لبنان وهويته وجهوا عبر خفض مستوى التمثيل رسالة عتب الى المسؤولين اللبنانيين تفيد بأن استمرار التعاطي مع هذا الواقع بتجاهل والرضوخ لخطف قرار الدولة غير مقبول، لكنهم في الوقت نفسه لن يسمحوا ببقائه لقمة سائغة في فم ايران، من هنا كان القرار بالإبقاء على القمة تأكيدا لهوية لبنان العربية وعدم افساح المجال امام انصار محورها بأخذ البلد الى حيث يريدون، خصوصا في ظل التطورات الاقليمية والدولية المتسارعة التي تدفع المنطقة نحو مواجهة أميركية – ايرانية مفتوحة تكاد تكون الاخطر، حيث ستحاول طهران استخدام لبنان منصة لإطلاق النار على التحالف الدولي ضدها الذي سيشهد اولى محطاته في وارسو في 13 شباط المقبل”.