IMLebanon

اتفاق معراب في ذكراه الثالثة: “صار بدّا… إصلاح وتغيير”!

قلّ، لا بل ندر، أن أطفأ اتفاق شمعة ولادته، فيما هو في حال من الموت السريري. هذه حال اتفاق معراب في ذكراه الثالثة. صحيح أن المصالحة المسيحية – المسيحية هي “الانجاز” الذي اعتدّ “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” طويلا بكونه “إنجازا” يحق للمسيحيين أن يمنّوا النفس به بعد طول خصومة ممهورة بدماء شبان وشابات آمنوا بما سميت يوما القضية، كما بحاملي لوائها في زمن الحرب اللبنانية، فلم يبخلوا على الوطن الجريح بدمائهم الزكية. لكن الصحيح أيضا أن الاعتداد بما اعتبره رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل “الانجاز الوجداني” لا يكفي وحده لتقتنع به القاعدة الشعبية المسيحية التي يتنافس الطرفان على اكتساحها.

ولم يكن أدل إلى هشاشة هذا التفاهم إلا فشل طرفيه في الالتقاء في ساحات المنافسات الانتخابية، فيما هي من المفترض أن تكون المناسبة الأفضل لـ”تقريش” أي تفاهم سياسي يتوصل إليه الحزبان المسيحيان الأكبران بعد جهد جهيد. وفي هذا السياق، تذكّر مصادر سياسية مراقبة، عبر “المركزية”، بالحرب المسيحية الضروس التي شهدتها دائرة كسروان-جبيل التي لطالما عرفت بكونها “القلعة البرتقالية” بامتياز، خصوصا بعدما مثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبناء كسروان في الندوة النيابية في دورتي 2005 و2009. ذلك أن أنصار “التيار الوطني الحر” في جبيل لم يخفوا عزمهم على اطاحة المرشح المدعوم من معراب زياد الحواط، وهو هدف لم يحققه العونيون، وهم أصحاب خلاف مزمن مع الحواط، في مقابل نجاح “القوات” في اختراق هذا “الحصن البرتقالي” بمقعد كسرواني يشغله اليوم النائب شوقي الدكاش، إلى جانب الحواط، ممثلا جبيل.

وإذا كان الفشل في نسج التحالفات الانتخابية عائدا إلى الحسابات الدقيقة التي فرضها على الجميع قانون الانتخاب الذي اعترف القيمون عليه بأنه غريب عجيب، فإن أحدا لا يشك في أن الضربة الأعنف التي تلقاها تفاهم معراب كانت تلك التي أصيب بها من القيمين عليه وققد طعّموها بنكهة تحاصصية حكومية.

وفي هذا الاطار، تلفت المصادر إلى أن في خضم حرب تناتش الحصص الحكومية المسيحية، تراقص تفاهم معراب جديا على حبال الكباش الحكومي، إلى حد إعلان باسيل صراحة أن “التفاهم بيننا وبين القوات معلق”، معتبرا أن معراب، خالفت، في مطالبها الحكومية، مضمون التفاهم. علما أن الاتفاق ينص صراحة على أن يتقاسم الطرفان وحلفاؤهما مناصفة الحصة الحكومية المسيحية، ما رفع مخاوف البعض إزاء محاولات “اقصاء سائر الأحزاب والأطراف المسيحية، والاجهاز على تعدديتهم”، في مقابل ارتفاع الأصوات المعارضة للتفاهم بوصفه اتفاقا تحاصصيا لا يمكن صرفه سياسيا، بدليل أن وفي محاولة لوضع النقاط على الحروف، أقدم رئيس حزب “القوات” سمير جعجع على اتخاذ قرار بكشف النقاب عن مضمون الاتفاق، فيما تتزايد الخلافات على خط ميرنا الشالوحي-معراب، على نحو يؤشر إلى أن الانتظار إلى حين ترميم الاتفاق قد يكون طويلا.

فراغ ملأته “القوات” بنسج مصالحة مسيحية – مسيحية منتظرة مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الخصم اللدود لرئيس “التيار” جبران باسيل، ما يعطيها تفسيرات سياسية تتجاوز البعد الوجداني الذي حصرت به عقب إنجازها في بكركي. لكن في المشهد المسيحي صورة تختصر حال تفاهم معراب والعلاقات بين طرفيه: “صار بدا… إصلاح وتغيير”!