IMLebanon

الحكومة قريباً… تمويه أو تكتيك قبل وارسو؟

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

فجأةً وبسحر ساحر توقف الإشتباك السياسي حول تقييم القمّة العربية بين مؤيّد ومعارض، وبين من عظّم شأنها لأنّها «أنقذت هيبة العهد من الإنكسار»، وبين من جزم بأن الديبلوماسية اللبنانية «طأطأت» رأسها بعد القمة. هذه الديبلوماسية التي لطالما «رفعت إسم لبنان عالياً» أمام استحقاقات أممية مماثلة، لتطل الأزمة الحكومية مجدداً في ظل تشابك وتطابق معلومات وتقارير أكّدت تأليف الحكومة «قريباً»، أو «قريباً جدّاً».

كشفت مصادر سياسية لـ»الجمهورية» عن أنّ الفيتو الايراني على تأليف حكومة جديدة للبنان سقط، وأنّ المعنيّين سيتفقون لِزاماً، لأنّ الإذن الخارجي وصل إيجاباً. يبقى أن يتّفق المعنيّون على إيجاد المخرج التسووي لولادة الحكومة.

وأشارت الى أنّ «الوزير الملك» لن يكون بعيداً من شخصية جواد عدرا المستقلّة، بيد ان الفارق بينهما، انّ شخصية الوزير الجديد بعيدة عن حلبة النزاع والإعلام السياسي اللبناني التقليدي، وأنّ «اللقاء التشاوري» سيسميه لأنّه سيمثّله، لكن ضمن كتلة رئيس الجمهورية، أي ستبقى هذه الشخصية مستقلّة عن الطرفين وتمثّل حالة شبيهة بحالة حزب «الطاشناق» المستقل، الذي هو في الوقت نفسه يتموضع نيابياً مع كتلة «لبنان القوي»، والى كثير من الحالات الفردية المماثلة والمستقلّة داخل التكتلات الكبيرة، مثل حالة النائب جان تالوزيان مع كتلة «الجمهورية القوية» أي مع «القوات اللبنانية»، أو حالة نعمت افرام ضمن تكتّل «لبنان القوي»، أي مع «التيار الوطني الحر».

الاّ أنّ مصادر ديبلوماسية غربية تعتبر أنّ مساعي تأليف الحكومة من الصعب أن يُكتب لها النجاح للأسباب الإقليميّة نفسها التي حالت دون تأليف الحكومة حتّى الآن. وترى أنّ المعطيات الإقليمية لم تتبدّل حتى يُفتح الباب أمام الحل السياسي في لبنان، لا بل انّها ازدادت تعقيداً وتشابكاً.

فبعدما كان «حزب الله» يعمل على تثبيت نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة بحكومة تعكس التوازنات الجديدة لمصلحته، إنفجرت أزمة العقوبات الأميركية المالية والإقتصاديّة على إيران، ما دفع طهران إلى إعادة حساباتها، وبالتالي إعتماد سياسة أكثر تشدّداً، من خلال إمساك كل الأوراق الممكنة في المنطقة من لبنان الى سوريا والعراق واليمن في مواجهة الحصار الأميركي.

ولم تَكد طهران تلتقط أنفاسها «من الهديّة» التي قدّمها إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بطريقة غير مباشرة، من خلال إعلانه سحب القوات الأميركيّة من شمال شرق سوريا، حتّى فوجئت بضربة أميركيّة أخرى موجعة تهيىء لها واشنطن عبر الدعوة الى اجتماع إستثنائي وكبير في 14 و15 شباط المقبل في وارسو، بهدف تشكيل تحالف جديد يزيد الحصار على إيران وحلفائها.

وإزاء ذلك، وخِلافاً لما يُروّج له من أنّ طهران تريد أن تؤلَّف حكومة في لبنان قبل إجتماع وارسو، تلفت المصادر الديبلوماسية الغربية الى أنّ من غير المنطقي في حسابات العقل الإيراني التسليم بورقة مهمّة مثل ورقة الحكومة اللبنانية أو ورقة الحكومة العراقيّة مجّاناً قبل إجتماع وارسو.

بل أكثر من ذلك، تكوّنت معطيات لدى الجانب الإيراني من أنّ هناك شيئاً كبيراً يُحَضِّر له الأميركيّون ضد إيران في المرحلة المقبلة، وقد يكون أبعد من العقوبات الإقتصاديّة والماليّة عليها، وهذه الأجواء أصبحت في متناول «حزب الله»، وهي ترى في تكثيف الهجمات العسكرية الإسرائيليّة على الأهداف الإيرانيّة وحلفائها في سوريا في الأيّام الأخيرة مقدِّمة لهذا العمل الأميركي.

وتؤكّد المصادر نفسها، أنّ سبب المناخ الإيجابي في إمكانية تأليف الحكومة اللبنانيّة قريباً، مردّهُ إلى أنّ طهران تحاول الإيحاء بأنّها تتعامل بإيجابيّة مع رغبة روسيّة، تبلّغتها عبر القنوات المفتوحة بينها وبين موسكو، بضرورة تحييد الساحة اللبنانيّة عن التصعيد، إن على صعيد التوتّر مع إسرائيل في جنوب لبنان، أو على صعيد تعطيل الحكومة اللبنانيّة إحتراماً للمصالح الروسيّة.

وتختم المصادر الدبلوماسيّة، أنّ طهران لم تُعطِ عمليّاً الضوء الأخضر لحلفائها بتسهيل أي إستحقاق ليس في لبنان فقط، وإنّما في كل مناطق نفوذها في المنطقة، قبل انتهاء مؤتمر وارسو الذي يستهدفها حصراً وتبيان نتائجه وتداعياته وتحديد سُبُل مواجهة مقرّراته.

من هنا، تبدو الأوضاع ذاهبة الى التصعيد ومزيد من التوتّر والتشدُّد والمواجهة وليس الى حلحلة وولادة حكومية طبيعية في الشهر التاسع.