IMLebanon

عودة قروض الإسكان بارقة أمل رغم رفع الفوائد

كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:

مثّل إعلان جمعية المصارف عن إصدارها تعميماً داخلياً يتعلق بالموافقة على مشروع لقروض الإسكان ومشروع للقروض الإنتاجية، بارقة أمل في لبنان، لاستئناف القروض الإسكانية المدعومة، بعد عام على توقفها، ولو أنها بفوائد أعلى من الحزمات السابقة، رغم أن الحزمة الجديدة البالغة قيمتها 200 مليون دولار، لا تكفي أكثر من 1100 وحدة سكنية في ظل تزايد الطلب عليها.

وشكل التوقف عن صرف القروض الإسكانية المدعومة في العام الماضي، أزمة اجتماعية، على خلفية تراجع أسعار العقارات وتوقف قطاعات كثيرة مرتبطة بها عن العمل، كما ألزمت جزءاً من اللبنانيين بتأجيل حفلات الزفاف، وقوضت التداول في السوق العقارية، ما زاد عبئاً إضافياً على الاقتصاد الهش.

وأصدرت جمعية المصارف تعميماً داخلياً هو بمثابة ملخص عن مجريات اللقاء الشهري الذي يعقد بين مجلس إدارة جمعية المصارف في لبنان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولجنة الرقابة على المصارف، تناول التطورات المالية والمصرفية التي شهدها لبنان في الفترة الأخيرة.

وحمل هذا التعميم الموجه إلى رؤساء مجالس المصارف في لبنان معلومات عن الموافقة على مشروع لقروض الإسكان ومشروع للقروض الإنتاجية، حيث ستحظى القروض الإسكانية بحزمة من 200 مليون دولار أميركي، والقروض الإنتاجية بحزمة من 500 مليون دولار أميركي، مع حد أقصى هو 450 مليون ليرة (300 ألف دولار) للقرض السكني وتوسيع هذا القرض للمغتربين إلى 600 مليون ليرة (400 ألف دولار). أما الفوائد المصرفية فستكون بنسبة 5.9 في المائة للمقترضين، وسيدعم مصرف لبنان فارق الفوائد. علما بأن الفوائد السابقة كانت تصل إلى 3.25 في المائة.

وغرد النائب بلال عبد الله عبر حسابه على «تويتر»، قائلا: «في أجواء العتمة السياسية والحكومية والاقتصادية، بارقة أمل صغيرة، علها تعيد تحريك عجلة بعض القطاعات، عبر إعادة العمل بالقروض الإسكانية لذوي الدخل المتوسط والمحدود ولو بفوائد مرتفعة. إنه تتويج لجهود المؤسسة العامة للإسكان بالتعاون مع المصرف المركزي».

وبدا من التعميم الأخير أن مصرف لبنان يولي تمويل القطاعات المنتجة، مثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، أولوية مطلقة، بهدف تنشيط الاقتصاد، بما يتخطى دعم القروض الإسكانية التي كانت تحظى منذ عام 2011 بـ60 في المائة من حزمة الدعم التي يواظب المصرف المركزي على ضخها في السوق اللبنانية، والبالغة مليار دولار سنوياً، ما يعني أن الأولوية لدعم المؤسسات الإنتاجية التي إذا تفعلت، تنشط الاقتصاد وتقلص البطالة وتخفف من الاستيراد، وبالتالي يتراجع خروج العملة الصعبة من البلد.

ولم تنفِ الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة أن دعم المؤسسات من حيث المبدأ «هو هدف مصرف لبنان»، لافتة إلى أن «70 في المائة من اقتصادنا قائم على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، ما يعني أن دعمها ينشط الاقتصاد». وأوضحت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن المصرف المركزي بهذه الطريقة «يعطي الدعم للمستحقين، سواء للمؤسسات أو القروض الإسكانية، وهي حزم دعم للفئات الأكثر ضعفاً، تحرك دورة الاقتصاد وتنعشها»، لافتة إلى أن الدعم «يتم توجيهه إلى المكان الصحيح تفاديا لما حصل في المرة الماضية» في القروض الإسكانية التي ذهب قسم منها إلى غير المستحقين، وهو ما أدى إلى استنفاد حزمة الدعم سريعاً في السوق، وظهور الأزمة.

وقالت إن الأولوية بدعم القروض السكنية للمقيمين لأن هؤلاء يشكلون مشكلة اجتماعية واقتصادية مباشرة، ويسبب إحجامهم عن الزواج خللاً في الميزان الديموغرافي.

ورداً على سؤال عما إذا كانت حزمة الدعم الإسكانية الأخيرة كافية، أكدت بلعة أنها «غير كافية بالتأكيد، بالنظر إلى أن حجم الاستثمار في قطاع العقارات يصل إلى 20 مليار دولار، وبالتالي لن تحقق الـ200 مليون دولار تأثيراً كبيراً»، لكنها شددت على أن المصرف المركزي «ليس المسؤول عن السياسة الإسكانية، وهي سياسة تضعها الحكومة ووزارة خاصة» داعية المؤسسة العامة للإسكان ومصرف الإسكان إلى وضع سياسة إسكانية ورؤية حكومية طويلة الأمد لحل المشكلة. وقالت: «المصرف المركزي يقوم بدور هو ليس دوره المفترض، لكن بغياب سياسة إسكانية حكومية، يساهم المصرف المركزي في تثبيت الأمن الاجتماعي المرتبط بقطاع السكن، عبر حزم الدعم الذي يواظب على ضخها منذ سبع سنوات، تعويضاً عن غياب حكومي».

وبانتظار صدور التعميم الرسمي غدا الاثنين، يتوقع خبراء أن تدفع قيمة تلك الطلبات من الحزمة الجديدة، ما لن يبقي لدعم الطلبات الجديدة سوى 400 وحدة سكنية، وهو رقم صغير جداً بالنسبة للطلب المرتفع والجمود في السوق العقارية.

وينطلق تقديم التسهيلات للمغتربين، عبر توسيع القرض السكني لهم إلى 400 ألف دولار، من كون هؤلاء يعتبرون قوة اقتصادية فاعلة، وتسعى السلطات اللبنانية لجذبهم كي لا تقتصر العلاقة بين لبنان المقيم والمنتشر على تحويلات المغتربين، بحسب ما تقول بلعة التي قالت إنها جزء من «استراتيجية طويلة الأمد»، مضيفة: «وجود منزل بالنسبة للمغترب، يعزز الانتماء القومي، ويشجع المغترب على الحضور هنا سنوياً، كما يحاكيه كونه مستثمراً محتملاً، ومن الأسهل أن يفكر بالاستثمار هنا إذا توفرت ظروف الاستثمار الناجح».