IMLebanon

شبيب في تكريم أبو عسلي: مستحق نظرا لما أنجزه علميا ووطنيا

أقامت الجمعية الثقافية الرومية، برعاية محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب وحضوره، احتفالا في نادي المارينا – ضبيه، في الذكرى السنوية الخامسة لتأسيسها تخلله تكريم البروفسور منير أبو عسلي وعرض فيلم قصير تضمن شهادات حية عنه.

شبيب

وألقى شبيب كلمة هنأ فيها “الجمعية الثقافية الرومية بشخص رئيسها البروفسور نجيب جهشان وهيئتيها الإدارية والعامة ولجانها بالذكرى السنوية الخامسة على تأسيسها”، وقال: “هذه التهنئة مستحقة، من باب أولى على نشاط الجمعية الثقافي الراقي والهادف الذي قامت به خلال هذه السنوات، وكان من ثماره أن الهوة بدأت تردم في الذاكرة الجماعية لأبناء هذه الحضارة العريقة”.

وأشار إلى أن “أسباب هذه الهوة وضعت لها الجمعية تشخيصا صائبا، وبالتالي علاجا شافيا مؤسسا من دون شك على علم  كبار الأطباء من القيمين عليها، فكان الدواء الثقافة والتصالح مع التاريخ”.

وهنأ الجمعية أيضا باختيارها البروفسور منير أبو عسلي مكرما هذا العام، وقال: “إن حسن الاختيار لا يقتصر فقط على استحقاقه التكريم، نظرا لما أنجزه في حياته الغنية علميا ووطنيا – وهو طبعا مستحق – بل لأنه ظلم هو وما أنجزه. وبتكريمه، تنسجم الجمعية مع مسيرتها الهادفة إلى رفع كل أشكال الظلم التاريخي والثقافي عن الحضارة الرومية وأبنائها”.

أضاف: “ما يجمع بين المكرم ومكرميه وما يجمعنا بهم هو الإخلاص في الإنتماء إلى هذا الوطن والعمل من دون حساب في سبيل بنائه وبناء الإنسان فيه ومن دون انتظار المكافأة من أحد، لأننا إذ نعمل فإننا نستثمر الوزنات ونقدم الحساب فقط إلى المعلم الذي منه أخذنا وإليه وحده نصبو ونعود. وفي هذه الحياة، إذا ما ظلمنا نتألم طبعا، لكننا لا نستغرب لأننا نعلم أن من طبع البشر أن يقتلوا صلبا من كرس نفسه لخلاص نفوسهم”.

وتابع: “ما يجمعنا أيضا هو التعلق بالإرث الثقافي للحضارة الرومية. وفي الوقت عينه، التمسك بالعروبة كمكون وطني جامع تأسست عليه حركات التحرر والاستقلال في بلادنا منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وتأسس عليه دستورنا اللبناني”.

وأردف شبيب: “في لبنان اليوم، قطاعات ناجحة تشكل أسباب أملنا في إعادة النهوض دائما، وعلى رأسها التربية والصحة. وفي كلا القطاعين، كنت مجليا أيها المكرم. إن مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية، التي أقرت مناهجها برئاستكم للمركز التربوي للبحوث والإنماء، أحد وجوهها العدالة وحكم القانون. وإيمانك بهما، رفع الظلم عنك”.

وختم: “إن كتاب التاريخ الموحد، الذي لم يكتب له أن يرى النور، كنت على وشك إقراره. وبالتالي، كتب على لبنان أن ينتظر منير أبو عسلي آخر مبدعا وروميا ومواطنا لبنانيا ومشرقيا وعربيا وأصيلا ومؤمنا وعلمانيا يستطيع أن يجمع اللبنانيين، كما جمعتهم، على صوغ تاريخهم وبناء مستقبلهم”.

جهشان

وكان بدأ الحفل بالنشيد الوطني ونشيد القسطنطينية الذي عزفته جوقة الجمعية وبكلمة لعريفة الحفل الدكتورة ديانا بيطار.

ثم ألقى رئيس الجمعية كلمة تحدث فيها عن دور الجمعية وقال: “نحن جماعة تريد أن تستقصي وتعرف كيف وصلت بشارة السيد الى بلادنا، ومنها توسعت إلى أقصى أقاصي الأرض. نريد أن يستذكر العالم بأن روما القديمة طرحت في ذلك الحين لباس الوثنية والبربرية عنها، ولبست المسيح وأسكنته في وسطها. نريد أن يكتشف العالم معنا ما أنتجت روما الجديدة، بعد ذلك التحول العجيب، من عقائد وفنون وتقليد وآداب أضافته الى ما اختزنت من علوم الماضي وفنونه وتاريخه لتحفظه سليما لأجيال طويلة. نريد أن ننهل من العقائد المستقيمة والروح السلامية والفنون المقدسة التي أينعت وإزدهرت في العصور المتلاحقة التي بلغت فيها الحضارة الرومية ذروتها. نريد أن يتيقن العالم أن هذا الإيمان وهذه الثقافة لم ينتشرا سوى بروح سلامية ومحبة “لا تفرح بالظلم بل تفرح بالحق، تحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وتصبر على كل شيء”، كما قال رسول الأمم”.

أضاف: “نريد أن نكتشف وإياكم مجددا العلوم والفنون والموسيقى والآداب والقوانين والنظم المدنية والعناية الصحية التي أبهرت العالم طويلا في حينه، ولم تغيبها الا حملة صليبية رابعة ضالة وفتوحات مقيتة في الشرق والغرب. نريد أن يتيقن أبناؤنا أننا، وإن غيبنا قصرا أو استفردنا أو اضطهدنا، نبقى أبناء هذه الأرض الطيبة التي بنى عليها جدودنا مدنا وهياكل وقرى تشهد لها الآثار المتبقية بالرغم من عتي الزمن، ونبقى متجذرين في الحرية التي أعطيناها إيماننا، وأبرارا في أعمالنا لنصير “كلا للكل، لنخلص الكل”.

وتابع: “نريد أن يستفيق العالم المعاصر، في مشاغله الكثيرة، إلى رسالة المسيح التي لا يمكن أن تحصر في إيمان يبقى دفينا في القلوب أو خفيا عن الأنظار، بل هي تتجلى بكل بهاء في القيم الإنسانية والإجتماعية، وفي الأعمال اليومية والتعامل البشري والسياسة والإنتاج الفني وكل موهبة وإبداع إنساني”.

وأردف: “لقد شاءت العناية الإلهية أن تتأسس جمعيتنا، من دون قصد منا، في الخامس والعشرين من كانون الثاني، وهذا ما نحتفل به اليوم، ككل عام، مقيمين تكريما للمبدعين من إخوتنا الذين تميزوا بالعلم والجرأة والخدمة والتجرد. بالفعل، إن 25 كانون الثاني هو عيد قديس عظيم أبدع في عصره، وتميز في اللاهوت والفلسفة والإدارة والخطابة والشعر والأدب، إنه غريغوريوس الثيولوغوس اللاهوتي، إبن كباذوكيا، إحدى أثرى مناطق شرقنا الحبيب بعمالقة الدين والدنيا وأغناها فنونا وآثارا، وبطريرك القسطنطينية العاصمة روما الجديدة، تسميه الكنيسة باستحقاق أحد أقمارها الثلاثة العظام لما كان له من أثر بالغ وفريد في تاريخها وعقيدتها. هو مثال المبدعين الروم الذين تكاملت فيهم وبينهم المواهب، كما تتكامل الأعضاء في جسد واحد. نقف نحن اليوم بإجلال، مقدرين عطاءاتهم الفكرية والعلمية والإدارية”.

وختم جهشان: “بهذه الكلمات، أجبت المتسائل عن مقاصد جماعتنا، موضحا أننا لا نبكي على أطلال اندثرت، ولا نستذكر آلاما مضت لأننا أبناء المحبة والرجاء، لكننا، في سبيل بناء حاضر مشرق ومستقبل زاهر لأبنائنا وكل من جاورهم، نلقي الضوء على تاريخنا المجيد ونرفع من شأن المواهب التي كانت والتي هي الآن حاضرة ونوليها قدرها من الإكرام والإجلال، ونكمل، بقدر استطاعتنا، ما قصرت عنه مؤسسات دولنا وكنيستنا ومجتمعاتنا. فهلم بنا اليوم أيضا، وللسنة الرابعة على التوالي، نكرم واحدا عظيما من هؤلاء المبدعين الكبار الذين ساروا على هذه الخطى وأكملوا الطريق”.

غبريل

من جهته، ألقى الدكتور نسيب غبريل كلمة لجنة تكريم المبدعين، وقال: “إن مهمة لجنة تكريم المبدعين في الجمعية الثقافية الرومية أولا تكريم المبدعين الأحياء، وذلك في ذكرى تأسيس الجمعية في 25 كانون الثاني من كل عام، وثانيا تكريم المبدعين الراقدين في 29 أيار من كل عام، وهو تاريخ سقوط مدينة القسطنطينية”.

أضاف: “وبسبب العدد الكبير من المتفوقين والمبدعين والكم الهائل من الإنجازات التي حققها الكثير من اللبنانيين، تقوم اللجنة بالعديد من الأبحاث وتقدم الترشيحات إلى الهيئة الإدارية وتختار المبدعين وتنظم حفل التكريم، بالتعاون مع اللجنة الاجتماعية. ولقد كرمت الجمعية في السابق كلا من الدكتورة ليلى بدر عالمة الآثار ومديرة قسم الآثار في الجامعة الأميركية ببيروت، والدكتور أسعد رزق، والموسيقار الياس الرحباني. أما من المبدعين الراقدين فتم تكريم الراحل الدكتور أرنست مجدلاني رائد طب الأطفال في لبنان. وبالنسبة إلى تكريم محاف…