IMLebanon

بعد حظر فنيدق الكحول… ما آراء قاطيشا وبارود والبعريني؟

يكفل الدستور اللبناني في المادة الثامنة منه الحرية الشخصية لكل مواطن. هذا في النص، لكن لبلدية فنيدق العكارية رأي آخر وفي الموضوع، فهي أصدرت قرارا يحظر بيع الكحول في كل المقاهي ويمنع أي زائر من الشرب في الاماكن العامة. ويطال القرار بلدة القموعة، إحدى أجمل المناطق السياحية في لبنان، الامر الذي أثار سخطا كبيرا بين اللبنانيين، وأهالي عكار تحديدا الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض.

القضية ليست جديدة على المجتمع اللبناني المتعدد طائفيا، ولا تقتصر على المناطق العكارية، إذ سبق لمحافظ النبطية محمود المولى أن أحال كتابا على بلدية كفررمان، يستند إلى قانون عثماني يمنع فتح محال لبيع الكحول في الأماكن الإسلامية وقرب دور العلم والمساجد والجوامع. وبين “فتوى” المولى وقرار رئيس بلدية فنيدق أحمد عبدو البعريني المثير للبلبلة، تطرح التساؤلات حول الحرية الشخصية للمواطن، فصحيح أن قانون العقوبات يمنع السكر في الأماكن العامة، وقانون البلديات في المادة 74 منه يتيح للبلدية اتخاذ التدابير بشأن مكافحة السكر والأمراض الوبائية، لكن المادة الاولى منه تفرض على البلدية أن تقوم بممارسة الصلاحيات التي يخولها إياها القانون الذي يكفل الحريات العامة.

في السياق، أشار عضو كتلة “الجمهورية القوية” نائب عكار وهبي قاطيشا، لـ”المركزية”، إلى أن “قرار البلدية يتعدى صلاحياتها، ومن واجبها تنظيم الموضوع لمنع حصول مخالفات، لكن لا يحق لها منع الكحول بالمطلق بما يخالف القانون العام”. ولفت إلى أن “القرار سيثير حفيظة السياح، ويؤذي المنطقة اقتصاديا، فهي تشكّل قبلة سياحية للبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم”.

كذلك، أشار وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود، لـ”المركزية”، إلى أن “لا أحد يناقش البلدية في حقها بمكافحة حالات السكر حفاظا على السلامة العامة، والقانون لا يسمح لها فقط بل يوجب عليها منع الحالات المخلة بالأخلاق، لكن شتان ما بين تنظيم الوضع ومنع الكحول بالكامل، فالسكر شيء، واحتساء المشروبات الروحية باعتدال في إطار الحرية الشخصية لكل فرد شيء آخر”.

ولفت إلى أن “الموضوع أكبر من قرار بمنع الكحول، فالصلاحية التنظيمية للمجلس البلدي لا جدال حولها، لكن التنظيم لا يعني المنع، نحن أمام قرار منع كلي وليس تنظيما”، موضحا أن “منع الكحول خلال شهر رمضان على سبيل المثال يعد تنظيما، ولكن المنع الكلي يعد تعرضا للحريات الفردية والعامة التي كفلها الدستور، وبالتالي لا تستطيع البلدية اتخاذ قرار كهذا ويكفي أن يكون هناك فرد واحد متضرر ليطعن به”، مشددا على أن “المجلس البلدي لا يستطيع أن يلغي حرية ينظمها القانون، في مخالفة صريحة للدستور والقانون”.

واعتبر أن “الدين بين المؤمن وربّه، والمتديّن الذي لا يرغب بشرب الكحول حر بقراره، ولكن المجتمع اللبناني متنوع طائفيا، ولا يستطيع طرف أن يفرض معتقداته على الطرف الآخر”.

وتمنى على وزارة الداخلية “مقاربة الموضوع من ناحية الحق في التنظيم وليس المنع”، مشيرا الى أن “في حال رفض الداخلية القرار تراسل البلدية وتبلغها أن قرارها غير قانوني. كما أنه بإمكان أي متضرر أن يطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة”.

أما من جهته، فأكد عضو كتلة “المستقبل” النائب وليد البعريني، عبر “المركزية”، “أننا تحت سلطة الدولة، وما دام المجلس البلدي أصدر قرارا وفقا للقانون والداخلية لم تعترض، فنحن نؤيده”، مضيفا “أننا حريصون على حماية كل من يقصد المنطقة، القرار ليس تكفيريا كما يصوره البعض، فالهدف منه حماية السكان والسياح من حالات السكر التي نشطت كثيرا في الآونة الاخيرة”.

ولفت إلى “أننا جيران القبيات ورحبة (المسيحيتين)، ولتلك المناطق مكانة كبيرة عندنا ونحرص على سلامة أبنائها وسلامة أبناء فنيدق”، مشيرا الى أن “مشاهد الفلتان التي شهدتها شوارع البلدة لا يقبل بها المسيحي قبل المسلم”.

أما رئيس بلدية فنيدق أحمد عبدو البعريني فأوضح، عبر “المركزية”، أن “القموعة منطقة سياحية منذ السبعينات، وأحد لم يفرض يوما على السياح منع احتساء الكحول، لكن في الآونة الاخيرة بتنا نشهد مشاهد منافية للأخلاق: حالات سكر في الشارع، ومشروبات روحية على قارعة الطريق، والأمر أخذ منحى خطيرا بعد وقوع حوادث سير وقتل”.

وأضاف: “بناءً على ما سبق، وحرصا منا على السلامة العامة وسلامة السياح، تدخلت البلدية واتخذت هذا القرار بإجماع أعضاء المجلس البلدي ومشايخ المنطقة ومفتي عكار الشيخ زيد محمد زكريا”.

وأكد أن “القرار سينشط الحركة السياحية أكثر في المنطقة، بعد أن أزلنا مظاهر الشواذ وبات السياح أكثر اطمئنانا”، مشددا على “أننا لسنا متطرفين أو متعصبين، نحن منطقة سياحية وحاضنة لكل سكان عكار وزوارها على اختلاف انتماءاتهم”.