IMLebanon

الأسواق المالية تحت “سحر” التشكيلة الحكومية

وأصبح للبنان حكومة بعد اشتداد العُقد الحقائبيّة وارتفاع منسوب التجاذبات على مدى تسعة أشهر خنقت الاقتصاد وأرهقت الأسواق و”هشّلت” الاستثمار، ظهر “سحر” الحل على الساحة السياسية وبدأت المسيرة. فأمام الوزراء القدامى والجدد على السواء تحت سقف مجلس الوزراء، الانكباب على رسم الخطط لمواجهة التحديات على واختلافها وشدتها، إذ لا وقت كافيا لإضاعته في “الترف الحكومي” و”السُكر في تحقيق الأهداف في مرمى الطرف السياسي الآخر”. إنما المواطنون، كما الأنظار الدولية، يتطلعون إلى تلك الحكومة المسؤولة بوجوهها الكفوءة كيف ستنطلق من الانطباع الجيّد الذي تركته لدى الرأي العام اللبناني للبدء بالعمل الكثير وقد يكون مضنيا. فلتثبت مدى قدرتها على مواجهة التحديات والنجاح في المهمات ومواكبة التحوّلات.

بعد أقل من 24 ساعة عن موعد إعلان التشكيل من قصر بعبدا مساء الخميس، لا تزال الأسواق المالية تحت وطأة الانفراج السياسي مع ولادة الحكومة، حيث انعكس ارتياحا في سوق القطع وارتفاعا في سعر سهم سوليدير. فماذا يترقب خبراء الاقتصاد والمال من الحكومة الجديدة على أكثر من مستوى؟

رئيس “وحدة الأبحاث والدراسات الاقتصادية” في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي نسيب غبريل اعتبر، ردًا على سؤال لـ”المركزية”، أن “تأليف الحكومة بعد ثمانية أشهر من التأخير ليس أمرا خارقا كونه أبسط حق من حقوق المواطنين”، آملا أن تكون الحكومة “فاعلة ومنتجة وتضع في أولوية جدول أعمالها الشأن الاقتصادي والمالي والمعيشي”، مشيرا إلى أن “أمامها تحدّييْن اثنين: الأول خفض حاجات الدولة إلى الاستدانة، خصوصا مع تفاقم العجز في العام 2018، وتوقع بقائه في المنحى ذاته خلال العام 2019، والثاني يكمن في تحفيز النمو من خلال الاستفادة من مقرّرات مؤتمر “سيدر” وأمواله”.

لكنه أكد أن “مجرّد تشكيل الحكومة سُجّل ارتياح في سوق القطع وارتفاع في أسعار اليوروبوند وسعر سهميّ سوليدير”، إنما شدد على أن “الأسواق تحتاج إلى خطوات ملموسة وعملية توحي بالثقة”.

وعن مدى استفادة الاقتصاد الوطني من حقيبة “التكنولوجيا والاستثمار”، رأى غبريل أن “إدخال هذه الحقيبة يُظهر مدى الأولوية التي ستوليها الحكومة الجديدة لهذا الحقل تحديدا، والذي يشكّل اليوم أساس تنافسيّة أي اقتصاد في العالم، فالاقتصاد الرقمي أصبح في صلب تنافسية الاقتصادات العالمية، كما أن التطوّر التكنولوجي يكون سريعا عالميا وتجب مواكبته في لبنان، والوزير عادل أفيوني يملك خبرة طويلة وناجحة في الأسواق المالية العالمية”. واعتبر أن هذه الحقيبة “خطوة مهمة في الحكومة يجدر التعويل عليها”.

أما الخبير المالي والاقتصادي غازي وزني فتوقع، في حديث لـ”المركزية”، أن “يمتد الارتياح نحو شهرين أو ثلاثة لا أكثر، بعدها على الحكومة أن تُظهر للبنانيين مدى جديّتها في مقاربة الملفات وفعاليّتها وإنتاجيّتها، إذ علينا أن نترقب ما إذا كان الوزراء سيقومون بخطوات إصلاحية أم لا، وإن كانوا سيقرّون مشروع الموازنة، ويبدأون بالاستفادة من أموال “سيدر”، لأن أهم مشكلة نواجهها اليوم هو فقدان الثقة بلبنان من قِبَل الأسواق المالية العالمية والمستثمرين والمودِعين”.

وأضاف: “من هنا، تبقى الخطوة الأهم على الحكومة القيام بها هي استعادة لبنان الثقة، وذلك عبر القيام بعمليات إصلاحية أو إجراءات تبدأ بالبيان الوزاري الذي يجب تضمينه برنامج الحكومة المالي والاقتصادي، كيفية معالجة أزمة الكهرباء لأن المعالجة الفعلية تنطلق من هذا الملف، إلى جانب كيفيّة خفض العجز في المالية العامة، والاستفادة من مؤتمر سيدر”.

وأكد أن “هذه هي المؤشرات التي يحتاج إليها المستثمرون في الخارج ووكالات التصنيف الدولية وصندوق النقد الدولي”، لافتا إلى أن “لدى الحكومة مهلة ثلاثة أشهر كي تبرهن جديّتها في معالجة الملفات الملحّة”.

وإذ استبعد تحريك العجلة الاقتصادية فور التشكيل، أكد وزني “وجود ارتياح في الأسواق لمجرّد تأليف الحكومة وتنتظر ترجمته تحسّنا في الوضعين الاقتصادي والمالي”.