IMLebanon

في خلفيات إطلالة نصرالله الهادئة… رسائل في اتجاهات ثلاثة

بمعزل عن طابع ونوعية الخطاب الذي سيطل به الأربعاء في اربعينية الثورة الايرانية التي قد تقتضي نبرة عالية تتواءم ومقتضيات التطورات والسخونة التي تحكم الوضع الاقليمي، أطل الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاثنين بهدوء لم يحكم ايا من اطلالاته طوال السنوات الماضية، في مفارقة استوقفت اللبنانيين الذين لم يألفوا السيد على هذا النحو.

وفي قراءة اجرتها اوساط سياسية مراقبة في مواقفه قالت لـ”المركزية” ان الامين العام حرص على اطلالة لم تكن مدرجة في اجندة اطلالاته المكثفة في الشهر الجاري، استدعاها تشكيل الحكومة وما احاط بالملف من التباسات، لاسيما لجهة مشاركة الحزب في الحكومة وفي شكل خاص اسناد حقيبة الصحة اليه. فكان لا بد من تخصيص الوضع الحكومي بمحطة وجه من خلالها رسائل ثلاثا. الاولى داخلية محض، ضمّنها حرص الحزب على افضل تعاون مع الاطراف كافة، فهو جزء لا يتجزأ من النسيج اللبناني اولوياته في الداخل تبدأ من مكافحة الفساد الى ترميم الاقتصاد والحفاظ على الاستقرار، وتاليا اولويته من طبيعة لبنانية.

الثانية وجهها للداخل والخارج في آن وتمثلت في تأكيده ان الحكومة ليست حكومة “حزب الله” كما يعتبر بعض من في الخارج وفي لبنان. اراد نصرالله، بحسب الأوساط، اقناع الجميع ان “حزب الله” لا يختصر المشهد السياسي بل هو جزء من مجموعة اجزاء يتكون منها. وفي ابعاد هذه الرسالة، محاولة لطمأنة “من يعنيهم الامر” عربا واجانب وخصوصا الخليجيين من اجل حثهم على الاستثمار في لبنان وارسال ودائعهم اليه على غرار ما فعلت قطر لتحصين الاقتصاد واعادة انعاشه بعد الانتكاسة الخطيرة التي اصابته، لأن خلاف ذلك سيضع لبنان في عزلة وحصار دوليين، او في الحد الادنى بقاء الوضع على حاله، بحيث يُحَمل “حزب الله” المسؤولية جراء مواقفه وممارساته، وتصيب اولى شظاياهما الحزب داخل بيئته بعد التململ الشعبي الذي تبدى إبان الانتخابات النيابية الاخيرة، والعهد الحليف. وتبعا لذلك أكد نصرالله في ابعاد موقفه انه مكون لبناني، صحيح ان له حجمه ووزنه وشروطه في اللعبة السياسية لكنه لا يختصر جميع اللبنانيين.

اما في الرسالة الثالثة الموجهة مباشرة الى الغرب وعلى الارجح الى واشنطن وحلفائها، فتأكيد ان وزير الصحة ليس من “حزب الله”، في رغبة ضمنية بتحرير الوزارة من اي قيود قد تفرض عليها من الخارج فتعرقل مهمتها التي يريد نصرالله ان ينجز ويستثمر فيها شعبيا الى الحد الاقصى، ويبعد عنها شبح العقوبات التي لوّحت بها واشنطن، ان في المواقف العلنية المباشرة التي صدرت من اكثر من مسؤول اميركي او عبر الرسائل المشفّرة التي ابلغها زوار لبنان الاميركيون، وآخرهم نائب وزير الخزانة مارشال بيلنغسلي الذي شملت زيارته اللبنانية اهل السياسة والاقتصاد والمال وفُهم، منها تحذير من مغبة وضع الحزب يده على اموال وزارة الصحة، فكان رد واضح من نصرالله أن “وزارة الصحة لكل لبنان وليست للوزير الذي يتولاها ولن تكون للحزب الذي يمثله” مشددا على ان “الوزير جميل جبق ليس في “حزب الله” لكنه كفوء وصديق وموثوق وشخصية مستقلة. وقد أعطينا الأولوية لمصلحة البلد في اختيار وزير غير حزبي في وزارة الصحة، لمنع المحاذير والتداعيات السلبية”، واعدا بأن “تكون تجربة وزير الصحة بمثابة رهان وسنكون الى جانبه”.

وتختم الاوساط بالإشارة الى ان السيد نصرالله اوصل في رسائله الثلاث عنوانا واحدا “همي لبناني داخلي كما سائر الافرقاء السياسيين وحريص على الاستقرار واعادة وضع لبنان على سكة الانتعاش”. اما في اطلالة الأربعاء فعلى الارجح سيطل بوجهه الاقليمي الذي يفترض، ربطا بطبيعة المناسبة، تعبئة واستنفارا داخل بيئة الحزب واعادة استنهاض الهمم في مواجهة من يستهدف ايران ويسعى لإقصائها عن المسرح العربي.