IMLebanon

قوة الدولة في فرض شرعيتها لا في الاستسلام لـ”الأمر الواقع”

اذا كانت القوة هي السمة الاكثر التصاقا بعهد الرئيس ميشال عون، العهد القوي والرئيس القوي وتكتل “لبنان القوي”، فإن اضعف الايمان يقضي ان يُترجم مفعول القوة في دولة قوية بقرارها الاستراتيجي وسيادتها المكتملة على كامل اراضيها، وبحسن تطبيق دستورها وقوانينها على مواطنيها من دون استثناء، ومن يرفض هذه المعادلة يصنّف في الحد الادنى في خانة “الخارج عن الشرعية”.

لكن في دولة كلبنان، حيث الدستور يطبق “على القطعة”، فيؤخذ بنصه حيث يتلاءم ومصالح القوى السياسية فيما يُضرب عرض الحائط حينما تنتفي المصلحة الخاصة، والقانون لا يسري على اللبنانيين سواسية، ما دام الصيف والشتاء تحت سقف واحد، في دولة مماثلة، لا يسري منطق القوة على مفهوم الدولة الحرة السيدة، لأن من يتحكم بالقرار السيادي بمفهومه الشامل ليس السلطة الرسمية الشرعية، انما فريق من اللبنانيين “شرّع نفسه”، وفرض شرعيته على الجميع بمن فيهم الدولة من أعلى الهرم، فانقلبت المفاهيم وبات الصواب خطأ والخطأ صوابا.

فما جرى ابان مناقشة البيان الوزاري في جلسة مجلس الوزراء الخميس، كما تقول مصادر سياسية قواتية لـ”المركزية”، يكرّس هذا المفهوم بامتياز. وإلا كيف يمكن ان يُفَسر رفض الدولة من اعلى هرمها، الذي يمثله رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري فالوزراء ممثلو القوى السياسية بمعظمها، طلب اضافة عبارة “من ضمن مؤسسات الدولة الشرعية” على الفقرة السياسية المتعلّقة بـ”حقّ المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي”، وهل من سلطة سياسية رسمية في العالم تتنكّر لحقها الشرعي وتتنازل عنه لمصلحة حزب، فعوض ان تصطف الدولة بكل اركانها وقواها السياسية الى جانب الطلب والاحرى ان تبادر اليه قبل اي حزب سياسي آخر كما فعل “القوات اللبنانية” وليعترض من لا يناسبه هذا الواقع، انقلبت القاعدة رأسا على عقب على المسرح الحكومي والتحقت الدولة بـ”البوطقة الخارجة على الشرعية” التي لم تتوان عن خرق قراراتها السيادية، وفي مقدمها سياسة النأي بالنفس التي اقرتها حكومة “استعادة الثقة” بالاجماع فلم يعد “من نأي ولا من يحزنون” واضطر الفريق الوحيد الذي غرد خارج هذا السرب الى تسجيل اعتراضه في مقاربة غريبة لا يمكن لأي مواطن في العالم ان يفهمها.

وتضيف المصادر: “اذا كانت حساسية وضع “حزب الله” في لبنان توجب اعتماد سياسة ربط النزاع معه حتى تتوافر الظروف الاقليمية الكفيلة بدفعه الى تسليم سلاحه الى الدولة، كما فعلت احزاب لبنانية كثيرة غيره، و”القوات اللبنانية” في مقدمها، فالاحرى بالسلطة الشرعية الحفاظ على شرعيتها المفترضة حصرية وتأكيد موقفها هذا بفرض هيبتها امام المجتمع الدولي المطالب ليل – نهار من خلال تذكيره بالقرارين 1701 و1559 بحصر السلاح بالشرعية اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والامنية لتحقيق السلام وتثبيت الاستقرار، فتضع في رأس قائمة اولوياتها المصلحة الوطنية العليا التي تقتضي في اطار مواجهة العدو المحتل، مقاومة شرعية تنحصر بالمؤسسات العسكرية والامنية، وإلا وخلاف ذلك، بحسب ما جاء في بيان الحكومة الوزاري، “حق المواطنين بالمقاومة” يعني تشريع لبنان على الفوضى بكل اوجهها، بحيث تشرّع لأي مواطن في الشمال او في الجنوب حمل السلاح واستخدامه في وجه من يعتبره في قاموسه السياسي عدوا، والتصنيفات في لبنان كثيرة، نسبة لتعدد الولاءات السياسية.

اما القول ان مجلس الوزراء ليس المكان المناسب للجدل السياسي لأن ساحاته في مكان آخر، فتعتبر المصادر انه ليس دقيقا، لأن مجلس الوزراء هو المكان الانسب لنقاش من هذا النوع كون الدستور أناط به مهمة رسم سياسة البلد الدفاعية والخارجية التي تصب في خدمة المصلحة الوطنية العليا.