IMLebanon

سليمان: النأي بالنفس يبدأ بالانسحاب من سوريا

كان الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في ذكرى انتصار الثورة الايرانية غاية في الأهمية من حيث توقيته والرسائل الواضحة التي وجهها إلى الحكومة الوليدة، كما إلى الحلفاء والخصوم. ففي وقت كان الفريق الوزاري الجديد يرسم الخطوط العريضة لسياسته في الفترة المقبلة، بدا نصرالله يحاول جر البلاد إلى محور ايران، من باب العزف على وتر الحاجة إلى مد الجيش اللبناني بالسلاح، فأبدى استعداده لبذل جهود في سبيل الاستحصال على سلاح ايراني للمؤسسة العسكرية. موقف عالي السقف في مواجهة بعض المكونات الحكومية يكتسب أهميته في تزامنه مع الزيارة التي يستعد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للقيام بها إلى بيروت. صورة لا تترك لبعض المناوئين للنهج السائد في البلاد إلا الاستمرار في الضغط لاعتماد سياسة تحييد لبنان طبقا لما نص عليه إعلان بعبدا.

على أن كلام نصرالله أعاد إلى الأذهان الحديث عن هبة ايرانية عسكرية عرضت على بيروت في مرحلة الفراغ. وفي هذا السياق، أوضح رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، لـ”المركزية”، أن “الهبة التي عرضت في أيام الوزير سمير مقبل عبارة عن لائحة مختصرة تشمل بعض الأسلحة والذخائر التي يملكها الجيش اللبناني أصلا، وهذه الهبة لا تتجاوز قيمتها 7 ملايين دولار. وقد وجد الجيش أنها لزوم ما لا يلزم، خصوصا أن مجلس الأمن كان أصدر قرارا حول الحصول على السلاح من ايران، علما أنني لم أتدخل في هذه القضية لكوني خرجت من الرئاسة. لكن الجيش لم يرد أن يخالف الشرعية الدولية، ويعطل المساعدات التي ينالها سنويا من الولايات المتحدة الأميركية، والتي تبلغ قيمتها بين 80 و100 مليون دولار سنويا، في وقت لم تكن السعودية قد سحبت هبة الثلاثة مليارات دولار التي وعدت بها لبنان أواخر عام 2013”.

وردا على الكلام عن أن ايران عرضت على لبنان التسليح في عهده، أوضح سليمان أن “في خلال إحدى زياراتي إلى ايران، زرت معرض الدفاع، وقلت لوزير الدفاع الايراني آنذاك مصطفى محمد النجار يهمنا أن نملك سلاحا لنستطيع إطلاق النار على اسرائيل عندما تعتدي علينا، غير أننا لا نملك الاعتمادات الكافية لشراء الأسلحة، لكنه لم يقل شيئا. وفي ما بعد، أعلن السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته أن ايران مستعدة لتسليح الجيش اللبناني، علما أن أحدا لن يقدم لي عرضا جديا في هذا الشأن”، معتبرا أن “الأهم يكمن في أن إذا كانت ايران تريد تسليح الجيش، فحري بها أن تطلب من “حزب الله” إعطاء سلاحه إلى الجيش، فتحل بذلك المشكلة”.

وعما إذا كان خطاب نصرالله سدد سهما قاتلا في اتجاه سياسة النأي بالنفس التي التزمت بها الحكومة، شدد على أن “النأي بالنفس يبدأ بانسحاب “حزب الله” من سوريا والعراق وسواهما. وهو ليس مجرد كلام يقال للتغطية على “العورات والأخطاء”. نحن نرحب بأي استراتيجية دفاعية. لكن أي استراتيجية يجب أن تشمل فترة انتقالية وقرارا واضحا وصريحا من الدولة بناء لطلب الجيش، محدود في الزمان والمكان والحجم، لوضع السلاح بإمرة الجيش”.

وعن تزامن خطاب نصرالله مع زيارة ظريف إلى لبنان، لفت سليمان إلى أن “حكومة جديدة تشكلت ووضعت بيانا وزاريا، فأتى خطاب نصرالله على شكل بيان وزاري مقابل، تندرج زيارة ظريف في سياق تثبيته وتأكيده. نحن نريد أن تكون لنا علاقات مع ايران، لكن تحت سقف سياسة تحييد لبنان، بدليل الموقف الأوروبي الأخير، والذي شدد على مقررات مؤتمر روما التي تنادي بتحييد لبنان طبقا لما نص عليه إعلان بعبدا، ولا خلاص للبنان إلا من خلال ذلك”.