IMLebanon

زيارة ظريف “محاولة تثبيت نفوذ إيراني لن يُنفَّذ لبنانيًا”

فيما تضع بولندا اللمسات الاخيرة على الترتيبات الخاصة باستضافة مؤتمر “تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والتصدي للممارسات الإيرانية”، الذي ينطلق الاربعاء في العاصمة وارسو بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة 76 دولة، حطّ وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف في لبنان ليقدّم، وفق ما اعلن، التهاني للمسؤولين بتشكيل الحكومة وتقديم ما يلزم من الدعم الايراني، الذي مهما صدرت من مواقف في شأنه، سيبقى، كما تقول اوساط سياسية سيادية لـ”المركزية”، حبرا على ورق يمكن في اي لحظة ان “يغلوه ويشربوا زومه”، فالجمهورية الاسلامية تعرف سلفا ان عروضاتها مرفوضة، اولا لأنها مشمولة بالعقوبات التي لا يمكن للبنان ان يعرّض نفسه لتداعياتها في حال خرق القرار الأميركي، وثانيا لعدم توافر التوافق اللبناني الداخلي في هذا الشأن.

اما لماذا حضر ظريف، فتعتبر الاوساط انه حرص على توجيه رسائل تبدأ بواشنطن وتمر بالرياض ولا تنتهي في اتجاه الداخل الايراني، للاولى ان لبنان يدور في فلك نفوذه رغم ما تفرضه من عقوبات فهو قادر على التحرك بحرية، وللثانية انه لن يسمح للبنان بأن يكون ساحة نفوذ للسعودية، اما للثالثة فإطلالة خارجية على الداخل بعناصر قوة تؤكد ان طهران ما زالت قوية رغم العقوبات الاقتصادية الخانقة وقادرة على التحكم بالساحات العربية وتقديم الدعم للخارج. كل ذلك تصفه الاوساط بالدعاية السياسية الهادفة الى تزوير الواقع، لاسيما المتصل بلبنان.

فبعد ان اعتبرت طهران، اثر الانتخابات الرئاسية، انه بات لها رئيس في لبنان وفي اعقاب الانتخابات النيابية ان 75 في المئة من المجلس النيابي يدور في فلكها، جاء وزير خارجيتها ليضيف الى المعتقدات الايرانية ان الحكومة ايضا ايرانية بامتياز. في هذا المجال، تقول الأوساط، لو كان الرئيس ميشال عون مواليا لإيران كما تدعي، لكان على الاقل زارها ولو مرة واحدة منذ انتخابه قبل سنتين ونيف خلافا لما فعل تجاه المملكة العربية السعودية التي افتتح منها برنامج اطلالاته على الخارج، الا ان الرئيس عون لم تطأ قدماه ارض الجمهورية الاسلامية لأنه يدرك تداعيات زيارة من هذا النوع في هذا التوقيت بالذات على لبنان وجمهوريته المؤتمن عليها، اما المجلس النيابي فلم يثبت يوما منذ انتخابه ان دفته تميل لمصلحة فريق سياسي موال لإيران وإلا لكان تمكن على الاقل من اقرار مشروع واحد يثبت هذا الانتماء، وقد اثبتت التجربة ان التوازن السياسي هو سيد المجلس النيابي. وتسأل: اذا كانت الحكومة ايرانية الهوى كما يدعون فأين منها استعادة البيان الوزاري الثلاثية الشهيرة “جيش وشعب ومقاومة” التي لم يعد لها من اثر في متنه؟

وإذا كانت بيروت لا تقفل ابوابها في وجه اي زائر عربي او اجنبي، كما تعتبر الاوساط، فإن اقصى ما يمكن لإيران ان تقتنصه من الساحة اللبنانية راهنا هو فُتات موقف سياسي لا ترجمة عملية له وإيحاء ببسط نفوذ لن يلقى اصداء للتنفيذ ما دام “النأي بالنفس” فرض واجب على لبنان، وهو ما سيسمعه المسؤول الايراني الضيف من رئيس الحكومة سعد الحريري بدبلوماسيته المعهودة على الارجح في لقائهما مساء الاثنين في السراي. والزيارة ستنتهي كما بدأت، محاولة رفع معنويات من طهران الى بيروت عشية مؤتمر وارسو ولكن…