IMLebanon

طهران تبدّل استراتيجيتها: هدوء قبل “عاصفة” التغييرات!

ما إن أقرت حكومة “إلى العمل” بيانا وزاريا تلتزم بموجبه تطبيق سياسة النأي بالنفس طبقا لما نص عليه إعلان بعبدا-علما أن كثيرا من أركان الحكم لم يتأخروا في رفع صوت الاحتجاج على هذه الخطوة، حتى انطلق ما يشبه السباق الإقليمي على تأكيد الحضور على الساحة اللبنانية، فحط وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا في شكل متزامن في بيروت، في خطوتين تحملان كثيرا من الرسائل المشفرة إلى المجتمع الدولي. علما أن بعضا من الشمل الدولي يلتئم في العاصمة البولندية وارسو لبحث “مستقبل شعوب الشرق الأوسط، والسبل الآيلة إلى تقليص النفوذ الإيراني فيها.

قد يقول قائل إن الحضور الإيراني في لبنان عشية مؤتمر وارسو مثابة تأكيد على حضور الجمهورية الإسلامية، على رغم الضغوط الدولية عليها. لكن أهم ما في جولة ظريف يكمن بالتأكيد في ما يمكن اعتباره تخفيضا لسقف الخطاب السياسي المطبوع بالمواجهة مع خصوم الجمهورية الإسلامية وحلفائهم في لبنان، في مقابل تغيير مماثل في خطاب الرياض تجاه غريمتها الاقليمية بدليل أن العلولا أعلن من مطار بيروت أن لا تعارض في زيارته بيروت بعد جولة رئيس الديبلوماسية الإيرانية على مسؤوليها.

تبعا لهذه الصورة، فإن بعض الأوساط السيادية تعتبر عبر “المركزية” أن زيارة ظريف تتجاوز في أهميتها العروض التي قدمها لمد يد العون إلى لبنان، إلى كونها تعكس تغييرا جذريا في السلوك الإيراني في لبنان، من باب الانتقال من التعاون مع أحد الأحزاب دون سواها إلى التعامل مع الدولة اللبنانية، ذات السلطات الرسمية الفاعلة.

ولم تجد الأوساط إلى ذلك دليلا أبلغ من امتناع ظريف عن زيارة ضريح عماد مغنية (القائد العسكري في حزب الله الذي اغتيل في سوريا قبل أحد عشر عاما)، وهو ما كان جميع الزائرين إلى لبنان يقومون به في مراحل سابقة، في تأكيد على متانة العلاقة على خط طهران- الضاحية أولا.

إلا أن الأوساط نفسها، لا تفوّت فرصة الاشارة إلى أن هذا التغيير في السلوك يتزامن مع إشارات أطلقها مسؤولون غربيون في الآونة الأخيرة تفيد بأن المنطقة مقبلة على تحولات جذرية، بينها إمكان إعادة إطلاق مسار المفاوضات الدولية النووية مع ايران على أسس جديدة.

وفي هذا السياق أيضا،  تدرج الأوساط معلومات عن اجتماعات عقدت أخيرا بين مسؤولين سعوديين وآخرين عراقيين في سبيل تسهيل مهمة اكمال عقد حكومة بغداد الموعودة لا سيما في ما يخص تعيين وزير دفاع محسوب على الرياض ووزير داخلية محسوب على طهران، ما يعني-عمليا- بعض التغيير في التكتيك الإيراني في المنطقة- بدليل أن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله لاقى رئيس الجمهورية ميشال عون إلى إطلاق مسار البحث في الاستراتيجية الدفاعية، مبديا استعداد الحزب لبحثها من دون قيد أو شرط”، في وقت لم يأت نواب “حزب الله” على ذكر المعادلة الثلاثية التي ما كانت لتغيب يوما عن مداخلاتهم وتصريحاتهم لولا بعض التغيير الإقليمي الذي قد لا يصب في مصلحة الجمهورية الإسلامية”.