IMLebanon

محاولات جر لبنان تحتّم تضامن “الفريق السيادي” رغم الخلافات

يتّجه تيار “المستقبل” والحزب “التقدمي الاشتراكي”، مساء الخميس، نحو طي صفحة اشتباك “عنيف” عصف بينهما، انطلق ساعاتٍ قليلة قبيل اعلان ولادة الحكومة الجديدة. أكثر من مرّة تباعد الطرفان، وتباينا، الا ان الخلاف لم يتّخذ يوما الشكل والحجم اللذين اتخذهما هذه المرة، حيث استخدم فيه رئيس “التقدمي” وليد جنبلاط أسلحة من “العيار الثقيل” للتصويب على الرئيس سعد الحريري. زعيمُ المختارة اتّهم رئيس الحكومة بالتفريط بالطائف “الذي استشهد من أجله والده”، وبصلاحياته إبان عملية التأليف، غامزا ايضا من قناة اتفاقات “غامضة” أجراها الاخير، أبرزها “كهربائي”، مع رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل في فرنسا، تفوح منها رائحة “صفقات”، فأطلق حملة “تويتريّة” ضروس على الحريري.

في المقابل، رئيس التيار الازرق، المعروف عادةً بـ”هدوئه” ورحابة صدره “سياسيا”، بدّل أدبياته هذه المرة. فردّ على اتهامات جنبلاط مرارا، وبكلام عالي السقف ايضا، قائلا له “الدولة ليست ملكا لنا حتما، لكنها ليست مشاعا مباحا لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح هدفه انقاذ الدولة من الضياع واحالة حراس الهدر على التقاعد. التغريد على التويتر لا يصنع سياسة… انها ساعة تخلٍ عن السياسة لمصلحة الاضطراب في الحسابات. هيك … مش هيك”؟! وبعد ان أفرغ الرجلان ما في صدريهما، انطلقت عملية تبريد التوتر بينهما، وقد دخل على خطها أكثر من جانب، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، كان أهمّهم الموفد السعودي المستشار في الديوان الملكي ​نزار العلولا​، الذي وبعد ان كسر الجليد بينهما خلال العشاء الموسّع الذي اقامه في فندق “فينيسيا”، واصل مساعيه “التوفيقية”، فزار بيت الوسط وكليمنصو، متمنيا رص الصفوف بين الفريقين مجددا.

وبدا ان وساطته أسّست لرأب الصدع. فسجّلت الجبهة الاشتراكية – المستقبلية هدوءا، تخللته مواقف “تصالحية”، حيث أكد الحريري تمسّكه باتفاق الطائف قائلا في 14 شباط “الكلام عن الطائف واضح ومباشر في البيان الوزاري، وغير خاضع للتأويل والتفسير. وليس سعد الحريري من يمكن أن يتنازل عن الطائف، أو يقبل بخرق الطائف. نحن حراس اتفاق الطائف، بالأمس واليوم وغدا”. من جهته، بارك جنبلاط للحريري بالتأليف قائلا: “مبروك شيخ سعد الحكومة بعد جهد جهيد. سنساعدك ضمن الثوابت التي نؤمن بها في الحزب ونعترض على أي خلل يصيب المال العام والثروة الوطنية كما جرى في دير عمار ومصفاة طرابلس”.

وعلى هذه القاعدة، تضيف المصادر، ستتم المصالحة التي سترسّخ مساء الخميس في الزيارة التي يقوم بها جنبلاط الى بيت الوسط (بعد ان عالجت اتصالاتٌ بعيدة من الاضواء دارت بين الطرفين أسباب عتب جنبلاط على الحريري وأكد له الاخير انه لم يتخلّ عنه بتاتا في المفاوضات الحكومية بل دعمه في كل مطالبه حتى اللحظة الاخيرة). فالملفات اليومية ومنها الكهرباء، يمكن ان تكون مدار نقاش ومحط مقاربات مختلفة بين الازرق والاشتراكي، الا ان هذه التفاصيل “التكتية” يجب الا تحوّل “الحلفاء” الى “أعداء”. فالتحديات كثيرة والتهديدات “الوجودية” كبيرة، حيث يحاول فريق سياسي داخلي جرّ بيروت الى التطبيع مع النظام السوري مجددا، بينما تطمح ايران الى اختراق الساحة اللبنانية وضمّها، من خلال “إغراءات” عسكرية وإنمائية، الى محور الممانعة في المنطقة.

وهذا الواقع يحتّم على أهل “الخط السيادي”، اي “المستقبل” و”القوات” و”الاشتراكي”، إبقاء العلاقات بينهم “نقية” وأعلى من الزواريب الضيقة، للوقوف في وجه مخططات تغيير وجه لبنان التاريخي. فهم يشكّلون جبهة احتياط، إن هي سقطت سقط لبنان. وبحسب المصادر، يدرك الحريري وجنبلاط هذه الحقيقة، ولأجل مصلحة البلاد العليا، سيضعان خلافهما جانبا ويكملان المشوار.