IMLebanon

مارون غنّام… تاريخ لبنان في رسوم! (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

بين صوت الريح وأمواج البحر، قواسمٌ، هي “التحدّي” والتصميم والإرادة الصلبة والمواجهة. كيف لا، وإن كان حامل هذه الصفات هو مارون غنّام. ذاك المقاتل المؤمن، الذي حمل يوماً من ذاك الماضي المشرّف، حياته بين يديه، كما الأمانة، التي قرّر أن ينقلها إلى الأجيال بريشة فنّان – مقاوم، يرسم البطولة كما الشهادة بدماء القلب، ليعبّر عمّا في القلب.

من المسيرة العسكرية التي بدأت في “فوج المغاوير” في “الكتائب اللبنانية” و”القوات اللبنانية” الى المراكز التي تبوأها في “القوات”، إلى مسيرة الفنّ والرسم المميز. موهبةٌ رافقته منذ الصغر، عمل على تنميتها على مراحل متقطعة خلال الحرب، واليوم قرّر ان يتفرّغ لها، وأن تكون مصدر عيشه ومستقبله.

يقول مارون غنّام لـIMLebanon: “إنه منذ فترة، طلب منه احد رفاقه ان يرسم له “بورتريه” كهدية، وصودف مرور أحد الجيران، الذي رأى ان لدى غنام موهبة يمكن ان يستفيد منها لإظهار تضحيات الشهداء وصمود الرفاق خلال الحرب بصور ورسوم”. وإيماناً بأن لدى كل شخص رسالة يحملها، قرّر الرسّام – المقاوم ان يبدأ مرحلة جديدة من مراحل مقاومته.

رسم غنّام الحرب اللبنانية وكأنها مقدسة، وكيف لا تكون مقدسة، وفيها استشهد رفيق وابن وأب وأخ… وهي التي أخذت بشير.

في ثنايا رسوماته، تجارب وعِبر. فعندما نُجرح لا نبكي، بل نعضّ على الجرح مهما كان الظلم قوياً ونصمت ونقاوم. قلم غنام بقي وفياً لبطرس خوند، وكيروز بركات، وكل الذي اعتُقلوا وأمعن الجورُ أيامِهم.

كل “بورتريه” رسمه غنام يتكلّم. يجهد عليه كثيرا، فتراه قريباً الى الحقيقة. رسم بـ”رصاصه” التراث اللبناني، من فيليمون وهبه، الى نصري شمس الدين، الى سماء لبنان مع وديع الصافي، ولؤلؤة العالم فيروز. لا ترى رسماً إلا وله حقبة من التاريخ اللبناني الأصيل، فمعه تتذكر أبو سليم وفهمان، و”سكرّج”، وانطوان كرباج في “بربر آغا” وقصص بيروت العتيقة، والريفولي و”قهوة القزاز”. ولا ننسى يسوع بتاج من الشوك، وأمه مريم، ولبنان بقديسه شربل. وكيف ننسى بطريرك الاستقلال مار نصرالله بطرس صفير، والعديد من القامات الوطنية والسياسية التي طبعت السياسة اللبنانية كموسى الصدر وغيرهم. اضافة الى رسوم أخرى، من بيروت الى باريس وعواصم العالم.

كل هذه الرسوم والمعاني، يمكن رؤيتها في المعرض الأول من نوعه، الذي ينظمه غنّام بعنوان #من_تراثنا_اللبناني أواخر شهر آذار 2019، في مطعم باب المينا في جبيل، والذي سيتضمن ما يفوق الـ70 لوحة من توقيعه. المعرض الذي سيستمر أياما عدة، أبوابه مفتوحة لكلّ من يمتهن ويمتشق الرسم مهنة وذوقاً وحياةً. والافتتاح سيكون بحضور نيابي وسياسي كبيرين، اضافة الى العديد من رجال الفن والثقافة والفكر وغيرهم من الفعاليات.

سيشكل المعرض نقطة انطلاق لعمل غنّام، يخطّ تميّزه في مجال الرسم، بهدف جذب الناس والمسّ بذوقهم وبذاكرتهم. علامة لافتة تميز رسوماته، فجميع اللوحات تُرسم بـ”قلم الرصاص” وبالفحم، ويدخلها اللون الأحمر، كعلامة وتوقيع لاسم “مارون غنّام”.

يحاول غنّام خلق شخصية فريدة، تجذب الناس، وكذلك الفنانين في مجاله، وهو حتى الآن نجح في استقطاب إعجاب عدد كبير من الرسامين الأميركيين، الذين أبدوا إعجاباً وتقديراً لرسوماته من خلال “السوشيال ميديا”.

المعرض الأول، سيشكل نقطة قوة له للتحضير للمعرض الثاني الذي سيقيمه خلال الصيف، والذي من المقرر ان يحمل عنوان “تاريخ المقاومة برسوم”، وهو مشروع توثيق تاريخ المقاومة اللبنانية برسوم، الذي سيكون انعكاساً لكل ما اختبره وعاشه خلال فترة المواجهة والصمود هو ورفاقه في الحرب اللبنانية. وكل هذه الرسوم ستوضع في ما بعد في كتاب يصدر في وقت لاحق.