IMLebanon

كيف ردّت دمشق على تسهيل عودة النازحين؟

كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية”:

يشكّل ملف النازحين السوريين تحدّياً كبيراً للحكومة الجديدة، ليس فقط من زاوية الدفع في اتجاه تأمين عودتهم في اسرع وقت ممكن، وانما ايضاً لجهة السعي الى التعامل معه وفق مقاربة موحّدة تحافظ على التضامن الوزاري، الذي اهتز تحت وطأة زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لدمشق.

هناك من يعتبر انّ السجال الذي واكب زيارة الغريب لدمشق يندرج في اطار «الاستهلاك السياسي الذي لا يقدّم ولا يؤخّر»، لأنه منذ لحظة نقل وزارة شؤون النازحين من تيار «المستقبل» الى فريق 8 آذار، وتحديداً الى رئيس «الحزب الديمقراطي» طلال ارسلان المعروف بعلاقته الوثيقة مع الرئيس بشار الاسد، كان معروفاً انّ الوزير الجديد المحسوب على ارسلان سيعزز التواصل مع دمشق وسيزورها مراراً وتكراراً، بموافقة ضمنية من الحريري، لمحاولة تسهيل عودة اكبر عدد ممكن من النازحين، وإلّا ما الداعي أصلاً الى تغيير هوية الوزير السياسية.

وبينما لا يزال اللبنانيون يتهلون بقشور هذا الملف وشكلياته، ويهدرون الوقت والجهد على مناقشة تفاصيل إجرائية من قبيل ما إذا كان يتوجب على الوزير المختص زيارة سوريا ام لا، تتفاقم لدى البعض الخشية من نيات المجتمع الدولي الذي يرفض تمويل خطط العودة ويدفع في اتجاه إبقاء النازحين في الدول المضيفة، الى حين إنجاز الحل السياسي.

وفي سياق متصل، نقل أحد زوار موسكو عن مسؤول روسي كبير قوله «انّ المبادرة الروسية تحتاج الى تمويل يقارب الخمسة مليارات دولار لضمان عودة النازحين من كل دول الجوار، وانّ موسكو غير قادرة على تحمّل هذه الأعباء الضخمة».

أما الدول الغربية والخليجية، فإنّها ليست مستعدة حالياً لضخ السيولة في صندوق تلك المبادرة وتقديم هدية مجانية الى روسيا، وهي تفترض انّ اي مساهمة مالية في مشروع عودة النازحين يجب ان تكون مسبوقة بالحل السياسي الذي يبدو انه لا يزال متأخّراً.

امام هذا الواقع، وفي انتظار إطلاق الدينامية الدولية والاقليمية التي لا تزال متعثرة، يميل البعض في لبنان الى تعزيز الآلية «المحلية الصنع» والمعتمدة منذ فترة لتسهيل عودة النازحين، سواء عبر جهاز الامن العام او من خلال أقنية اخرى.

وعُلم انّ الغريب بحث مع وزير البيئة والادارة المحلية السوري حسين مخلوف، أثناء لقائهما الاخير، في إمكان تكبير حجم دفعات العائدين من النازحين، بحيث يُرفع العدد في كل دفعة من بضع مئات الى الآلاف، على ان تزيد دمشق في الوقت نفسه نسبة إعطاء الموافقات وتُخفض نسبة الممنوعين من الرجوع الى أقل معدّل ممكن.

وفي المعلومات ايضاً، انّ الغريب ناقش مخلوف في الضمانات التي تستطيع السلطات السورية منحها لتشجيع العودة، خصوصاً بالنسبة الى المتخوفين من الملاحقة الامنية لاحقاً، فقيل له انّ هناك استعداداً للتعاطي بمرونة كبيرة على هذا الصعيد، وانّ عدد اصحاب الملفات القضائية المستعصية ضمن النازحين هو ضئيل ولا يشكّل عائقاً امام تكثيف وتيرة العودة.

كذلك طُرحت خلال الاجتماع بين الغريب ومخلوف مسألة الخدمة العسكرية التي تدفع كثيرين الى البقاء في لبنان، تهرّباً منها، فتبلّغ ما معناه أنّ هذا الامر لا يمكن التساهل فيه «وحتى إبن رئيس الجمهورية ملزم بالخدمة العسكرية ولا يُعفى منها، لكن الحكومة السورية كانت قد أصدرت قراراً بتخفيض سن خدمة الاحتياط من سقف 48 سنة الى سقف 38 سنة، وبالتالي فإنّ اي نازح يتجاوز عمره 38 لا يُستدعى بعد رجوعه الى خدمة الاحتياط».

وقد خاطب مخلوف ضيفه اللبناني بالقول: «بدّك تنجح في مهمتك معالي الوزير.. ما عنّا حل إلاّ انك تنجح». وتجدر الاشارة الى انّ مخلوف يشغل، الى جانب موقع وزير البيئة والادارة المحلية، منصبي رئيس الهيئة الوطنية للإغاثة ورئيس لجنة إعادة إعمار سوريا.