IMLebanon

استراتيجية واشنطن الجديدة: جعل سلاح “الحزب” بلا مُهمّة!

بين الوفود الأميركية المالية والعسكرية التي يستقبلها لبنان بين الحين والآخر، تتواصل زيارات أعضاء من الكونغرس ومسؤولين في مراكز دراسات وأبحاث في اتّجاه بيروت بعيداً من الضجيج الإعلامي.

هذه الحركة الأميركية المتنوّعة من حيث طبيعة عمل الزوّار تأتي على وقع “تجدد” نشاط السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد بعد فترة من الغياب المدروس، خصوصا في المرحلة التي سبقت تشكيل الحكومة الجديدة نهاية الشهر الماضي حيث اختفت عن الأنظار لفترة طويلة أمضت جزءاً منها في بلادها .

وبالتزامن مع المعلومات التي تتحدّث عن رزمة عقوبات جديدة ستفرضها واشنطن على إيران و”حزب الله” بشكل خاص، توسّعت رقعة السيناريوهات الأميركية التي تتجنّب الإساءة إلى الوضعين الإقتصادي والمالي في لبنان رغم حرصها على ملاحقة أي خرق للعقوبات المصرفية التي طالت المجموعات الإرهابية في لبنان والمنطقة، لاسيما تلك التي تتعاطى أو تساند “حزب الله” وتموّله، والأمر نفسه بالنسبة إلى المنظمات العربية الأخرى الإسلامية المتشددة منها “حركة حماس” والجهاد الإسلامي وإخواتها التي باتت تتحكم بالوضع في غزة في مواجهة السلطة الفلسطينية الواقعة بين “شاقوفي” العقوبات الإسرائيلية المالية لصالح من تسمّيهم من مواطنيها ضحايا الإرهاب الفلسطيني والتمرد الذي تقوده حماس بدعم إيراني واضح لم يعد خافيا على أحد.

على هذه الخلفيات، قالت مصادر دبلوماسية تواكب الحراك الأميركي في المنطقة لـ “المركزية” أن “لبنان بات الساحة الوحيدة التي يمكن الإطلالة منها على التطورات السورية، خصوصا والعربية عموما بالنظر إلى حجم المواجهة المفتوحة بين واشنطن وطهران التي بلغت ذروتها في الأيام القليلة الماضية وتزامنت مع التحضيرات الدبلوماسية التي تلت مؤتمري “وارسو” و”ميونخ للأمن” اللذين رعتهما الولايات المتحدة الأميركية في عزّ المواجهة مع القمة الثلاثية الروسية–الإيرانية-التركية التي عقدت في سوتشي في 14 الجاري برعاية موسكو.

وفي خلاصة التقارير التي وردت من واشنطن وتحدثت عن النتائج التي انتهت إليها سلسلة القمم والمؤتمرات، هناك حديث جدّي عن توجهات أميركية “متطورة” أكثر مما هي “جديدة” في المنطقة ولبنان وأن ما يعني لبنان يمكن تلخيصه بالآتي:

-تجاوز شكل ومضمون التشكيلة الحكومية والحديث عن تعاظم حضور “حزب الله” فيها. فهي ليست المرة الأولى التي يُشارك فيها الحزب بالسلطة التنفيذية وأن تسلّمه وزارة أساسية كالصحة لا يعني تطوراً مهما يُعزز دور الحزب في الحكومة. فقد أثبتت التطورات أن دور الحزب في الحكومة لم يتصل يوما بنوعية وحجم الحقائب التي يتولاها، فالدور السياسي وقدرته على شلّ الحكم أو تعزيزه لم يقف يوماً عند هذه المعايير وبالتالي ما لا يمكن أن يحصل عليه بالمباشر سيؤمّنه له أكثر من حليف تحت عناوين عدة.

-الإصرار على حماية القطاع المصرفي ومن خلفه الوضعين الاقتصادي والنقدي في لبنان مخافة أن يؤدي أي تدهور لهذا القطاع إلى انعكاسات أمنية واجتماعية خطيرة قد تسمح بتحركات تقود إلى استغلالها في موازاة تفاقم أزمة النازحين وتردداتها السلبية على هذه الأوضاع.

-الإصرار على تعزيز الهدوء في جنوب لبنان والضغط على إسرائيل لمنعها من القيام بما يؤدي إلى أي عملية عسكرية أو أمنية أياً كان شكلها، لأن أي توتر في المنطقة الحدودية سيهدد دور القوات الدولية في الجنوب ومعها دور الجيش اللبناني على حساب دور المقاومة الإسلامية التي يقودها “حزب الله” بدليل طريقة تعاطيها “الباردة” مع الأنفاق الجنوبية على رغم أنها لم توفّر الظروف الكافية لممارسة ضغوط إضافية على “حزب الله”.

انطلاقا من هذه المعطيات، لخصت المراجع الدبلوماسية الاستراتيجية الأميركية بمعادلة جديدة تقوم على مبدأ أن “ضبط السياسة الإسرائيلية تجاه لبنان ومنعها من القيام بأي اعتداء سينعكس مزيداً من الهدوء والاستقرار فيه وهو ما سيؤدي في النتيجة إلى جعل سلاح “حزب الله” بلا مُهمة في المرحلة المقبلة إلى أن يصدأ حيث هو في مخازنه”.