IMLebanon

هل يُخرج سرحان الزواج المدني من السجالات السياسية والطائفية؟

بعيدا من “الزكزكات” السياسية، يسجل لوزيرة الداخلية ريا الحسن اقدامها على إعادة فتح باب النقاش في موضوع حساس كالزواج المدني في لبنان، الغارق حتى العظم في الحسابات السياسية والطائفية، ما يفسر المواقف المعارضة لهذه الفكرة التي انهالت على الوزيرة الجديدة، علما أن الأخيرة اكتفت بإبداء “رغبة في فتح حوار حول الزواج المدني في لبنان”.

غير أنه لا يخفى على أحد أن أهمية مواقف الحسن تتأتى من كونها تثير الموضوع في وقت لا يزال لبنان يفتقر إلى قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وفيما يختار كثير من شباب وشابات -وبينهم نواب ووزراء- لبنان، قبرص وجهة لإتمام زواجهم المدني الذي تعترف به الدولة اللبنانية شرط عدم اتمامه على أراضيها.

وفي مقابل الاعتراض الذي جوبهت به مواقف الحسن، بدا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي شديد التأني في معرض اجابته من على منبر بعبدا عن سؤال متعلق بهذا الملف الشائك، ذاهبا إلى حد المطالبة بقانون مدني “إلزامي”، ما اعتبر قذفا لكرة النار إلى ملعب الشركاء في الوطن حرصا على العيش المشترك.

وفي هذا الإطار، يلفت مراقبون، عبر “المركزية”، إلى أن قضية اتمام الزواج المدني على الأراضي اللبنانية ليست بالأمر الجديد، بل يعاد إلى الضوء كلما ضجت وسائل الاعلام بإحدى الزيجات المختلطة، أو كلما تجرأ أحد المسؤولين على إثارة الموضوع.

ويذكّر المراقبون بأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري أقدم، في تسعينيات القرن الماضي، على طرح مشروع قانون الزواج المدني الاختياري على التصويت في مجلس الوزراء. وقد نال الأكثرية الحكومية من دون أن يتمكن من إكمال طريقه إلى مجلس النواب، بفعل الاعتراض الذي رفعه رجال الدين المسيحيون والمسلمون. وإذا كان بعض المتفائلين يعوّل على بعض النواب ممن اقترن بشركاء حياتهم مدنيا، أو كانت زيجاتهم مختلطة للضغط في اتجاه اقرار هذا القانون، بوصفه خطوة أولى على طريق الدولة المدنية التي اعتبرها رئيس المجلس النيابي نبيه بري “خلاص لبنان”، فإن مصادر سياسية عليمة تكشف، عبر “المركزية”، عن مخرج آخر يمكن الركون إليه في انتظار الخطوة النيابية الجريئة.

وفي هذا الإطار، تدعو المصادر إلى إحالة الملف على هيئة الاستشارات العليا في وزارة العدل، وتشير إلى أن هذه الهيئة عادةً ما تكون برئاسة المدير العام لوزارة العدل، وعضوية رئيس هيئة التشريع والاستشارات ورئيس هيئة القضايا في الوزارة، إضافةً إلى رئيس معهد الدروس القضائية.

وفي ما يخص نطاق عمل هذه الهيئة، تلفت المصادر إلى أنها تشكّل للبت في ملف معين، ويكون قرارها نهائيا غير ملزم للإدارة المعنية. غير أن مخالفة توجهات الهيئة يجب أن تعلل بقرار تبلغ الوزارة بصورة عنه.

وتختم المصادر لافتةً إلى أن الوزير السابق شكيب قرطباوي، الذي شغل حقيبة العدل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، سبق أن شكّل هيئة عليا للاستشارات لبتّ قضية زواج الثنائي نضال درويش وخلود سكرية مدنيا في لبنان بعدما شطبا قيدهما الطائفي. وقد خلصت الاستشارة إلى شرح قانوني مؤيد لحق اللبنانيين غير المنتمين إلى طائفة معينة بالزواج مدنيا في لبنان (أي أمام كاتب العدل)، وأكدت حق الزوجين في اختيار القانون المدني الذي يرعى زواجهما كما كل آثاره اللاحقة، كالطلاق والارث وسواهما، ما يجعل الانظار تتجه اليوم، كما آمال كثير من الشبان والشابات، الى وزير العدل ألبير سرحان، عله يُخرج هذا الملف من التجاذبات السياسية.