IMLebanon

استقالة ظريف والعودة عنها… هكذا بدأت وانتهت!

بمثل الغموض الذي أحاط ملابسات وخلفيات الاستقالة المفاجئة لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، جاءت العودة السريعة عنها. فطبيعة النظام الايراني المغلق ودقة المرحلة التي تمر بها البلاد سياسيا واقتصاديا تجعل من الصعوبة بمكان تحليل أسباب الخطوة والغوص في تفاصيلها. إلا أن الظاهر للعيان ثابتتين. الأولى صراع الجناحين الدبلوماسي المنفتح الذي يمثله الرئيس حسن روحاني “البراغماتي” ورئيس دبلوماسيته “الضاحك”، والعسكري “الإيديولوجي” المتشدد بقيادة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني والثانية زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد فجأة لإيران.

وتقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” أنها “توقعت أن يقدم ظريف على خطوة الاستقالة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الذي كان ظريف عرابه الأساسي إلى جانب “صديقه” ونظيره في العام 2013 جون كيري، إلا أنه قرر، على ما يبدو، البقاء في موقعه محاولا إنقاذ إنجازه الثمين الذي كاد ينقل بلاده الى موقع جديد في الشرق الأوسط لولا “صدمة” وصول دونالد ترامب إلى البيت الابيض.

وبعيد الانسحاب الأميركي المدوّي من الاتفاق النووي في أيار الماضي تضيف المصادر، تعاظمت الضغوط على ظريف لاسيما أن “أوروبا التي كان يعوّل على ثباتها “خذلته” واشتد ساعد سليماني الساعي إلى ضرب تحالف روحاني- ظريف الذي حظي بدعم دولي إبان انطلاقته قبل نحو 6 سنوات، كونه هدف إلى إقامة دولة القانون والعدل والاندماج في المنظومة الدولية خلافا لمشروع سليماني العسكري التمددي، إذ إن إبعاد ظريف عن حلبة السياسة الإيرانية يعبّد الطريق لاستهداف روحاني. وما إقصاء الوزير “الظريف” عن زيارة رأس النظام السوري إلى طهران سوى إحدى محاولات جناح التشدد لتهميش “الخارجية” ووزيرها، بحسب ما عكست التصريحات المحيطة بالزيارة.

وتعتبر المصادر أن “استقالة ظريف شكلت مؤشرا إلى انتهاء حقبة الانفتاح الإيراني ونفوذ تيار الاعتدال لمصلحة تيار المحافظين المتشدد المدعوم من المرشد الأعلى علي خامنئي، مع تغلغل الهريان السياسي في الجسد الإيراني وتعاظم الصراع والمواجهة بين التيارين، فكان لا بد لروحاني في خطوة بديهية إلا التمني على ظريف العودة عن استقالته لعدم التسليم لتيار المتشددين ونسف كل الجهود التي بذلها، مراهنا على النقمة الشعبية والعمالية المتنامية التي تُواجه بالقمع وعلى حال التململ في الجيش من هيمنة الحرس الثوري وسيطرته على السلطة والقرار كونه يتحرك ماليا من خارج موازنة الدولة وعبر مشاريع مع المرشد الأعلى تدر عليه الأموال الطائلة، كما تفيد المصادر. إذ إن من شأن ذلك أن يحدث التغيير الذي يطمح إليه ويعيد إيران إلى أيام الشاه، بعيدا من سطوة العسكر.

على هذا الأساس، قرر ظريف العودة عن الاستقالة التي تردد أنها كانت مشروطة بحصول تغييرات على مستوى قيادة الحرس الثوري، إلا أن تعذر الأمر والخشية من وصول شخصية من الحرس الثوري أو مناصرة له إلى الخارجية، وهو ما يرفضه روحاني بالمطلق، إضافة إلى بلوغ الوضع في طهران حافة الانفجار في ظل ضغط الأزمة المالية وتداعيات العقوبات الاقتصادية والخوف من رزمة جديدة منها وتذمر الشعب من سياسة الدولة وتسلط رجال الدين والعسكر، كل هذه المعطيات حتّمت على ظريف إعادة النظر في استقالته وعدم ترك روحاني في المواجهة وحيدا، لكن تختم المصادر: “لا بد أن يكون لهذه العودة ثمن. الأيام المقبلة كفيلة على الأرجح بتظهيره”.