IMLebanon

بعد انسحاب واشنطن… إلى أين النزاع النفطي بين لبنان وإسرائيل؟

في اليومين الماضيين، سرت معلومات عن أن إسرائيل استقدمت حفارة بترول إضافية إيذانًا ببدء العمل في المنطقة البحرية المحاذية المتنازع عليها بين بيروت وتل أبيب، ما يُشكّل، فيما لو صحت المعلومات، تطورًا خطيرًا في الملف يهدد “الكنز اللبناني النفطي” المعوّل عليه لإنعاش الاقتصاد وانتشاله من كبوته.

وتقول مصادر سياسية على بيّنة من تطورات الملف، الذي يشكّل موضع عناية من رئيس مجلس النواب نبيه بري، لـ”المركزية”، إن إسرائيل كلّفت أخيرًا شركة “نوبل” الأميركية للتنقيب عن الغاز في الحوض المشترك مع لبنان والمتفق على أن تبتعد عنه مسافة 15 كيلومترًا إلى حين ترسيم الحدود موضع النزاع. بيد أن الدولة العبرية أوعزت إلى “نوبل” التنقيب على حدود الحوض خلافًا للاتفاق، وأمهلت الشركة حتى أيار 2020 لتقديم دراستها الأولى حول أعمال التنقيب، الأمر الذي يحمل في طياته شكوكًا متنامية في سرقة إسرائيل النفط اللبناني من الحوض، خصوصًا إذا تأخر لبنان في عملية التلزيم إلى ما بعد هذا الموعد، بحيث يكون “اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب”.

وتوضح المصادر أن بري يبلغ من يراجعه في الموضوع أن زيارة ديفيد ساترفيلد الأخيرة إلى لبنان أنهت الوساطة الأميركية التي هدفت إلى حسم الخلاف الحدودي البحري والبري بين لبنان وإسرائيل وأجهزت على مشروع فريديريك هوف، في ضوء رفض ساترفيلد النقاش في الاقتراحات اللبنانية، طالبًا القبول بالعرض كما هو أو رفضه، وقد قال لبري حرفيًا: “خذوه أو اتركوه”- Take it or leave it)) .

ويقضي العرض المشار إليه بإبقاء الأمور على حالها، الاتفاق على شركة واحدة تتولى عملية التنقيب في البحر والإنتاج، على أن يوزّع بنسبة 60% إلى لبنان و40% إلى إسرائيل إلى حين حسم الخلاف.

وتنقل المصادر عن بري إصراره على تلزيم البلوكات الموجودة في الجنوب والشمال توازيًا، خشية أن تعتبر إسرائيل أن لبنان غض الطرف عن بلوكات الجنوب وترك لها حرية الحركة والتنقيب في حين يتمسك بحقه في حدوده البحرية حتى آخر نقطة مياه وثروته النفطية التي يكفلها القانون.

وإزاء الممارسات الإسرائيلية الخطيرة، وسحب واشنطن يدها من الوساطة، تكشف المصادر عن تحرك رسمي رئاسي في اتجاهين: الأول سيقوم به بري خلال زيارته المرتقبة إلى فرنسا في النصف الثاني من آذار المقبل، بحسب معلومات “المركزية”، إذ سيتمنى على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المعني بالقضية من زاوية مشاركة شركة “توتال” الفرنسية في عملية التنقيب في البلوك رقم 9 جنوبًا و4 شمالًا، أن تلعب باريس دورًا في الوساطة.

ويشترط بري، في هذا المجال، أن يتم ترسيم الحدود البرية والبحرية معًا تجنبًا للوقوع في دوامة الشروط والمطالب الإسرائيلية، ويتحفظ على الخطة الإسرائيلية التي تسعى لمقايضة جزء من الأرض اللبنانية الواقعة على الحدود قبالة مدنها بمساحات توازي ضعفي هذه البقعة الجغرافية في شبعا وليس على الشاطئ. ويسعى بري للعودة إلى الحدود الدولية المرسّمة بين لبنان وفلسطين منذ العام 1948 عبر خبيرين فرنسي وبريطاني، من خلال لجنة الناقورة الثلاثية، إلا أن إسرائيل لا تبدي أي تجاوب.

أما الاتجاه الثاني فروسي، إذ تشير المصادر إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي يضع على أجندة محطاته الخارجية القريبة زيارة لموسكو، بحيث يطرح الملف مع الرئيس فلاديمير بوتين كون شركة “نوفاتيك” الروسية تشارك أيضًا في أعمال التنقيب إلى جانب “توتال” و”ايني” الإيطالية، ما يفتح الطريق على إمكان توسط موسكو مع إسرائيل كبديل من واشنطن، علّ الضغط الأوروبي يفعل فعله في حمل تل أبيب على وقف انتهاكاتها والعودة إلى التفاوض غير المباشر تمهيدًا لحل النزاع.