IMLebanon

عقبات مادية وميدانية تعوق عودة النازحين

بكل وضوح، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن “لبنان سيواصل إعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في بلادهم، ولن ينتظر الحل السياسي للأزمة هناك”. الموقف نفسه يكرره رئيس الجمهورية منذ وصوله إلى سدة الرئاسة، وقد أعاد التذكير به في أولى جلسات مجلس الوزراء الجديد الأسبوع الماضي، وسارع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى دعمه فيه، واصفًا إياه بـ”المشرّف”، قبل أن يقوله بنفسه الأربعاء: “يجب على المجتمع الدولي أن يفصل بين الحل السياسي في سوريا وعودة النازحين وإلا كان مصيرهم مثل اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتظرون الحل السياسي منذ 71 سنة، والكل على حساب لبنان وشعبه. وهذا لا يمكن قبوله”.

وفي وقت لا يختلف اثنان في لبنان على “حتمية” عودة النازحين وعلى رفض أي شكل من أشكال دمجهم أو “تذويبهم” أو توطينهم في لبنان ومجتمعه – رغم الحملات التي يُقيمها بعض الأطراف الداخليين على البعض الآخر، بين الحين والآخر، متهمًا إياه بمحاولة إبقائهم هنا، وغاياتُها “سياسية” بحتة – فإن الخشية كبيرة وحقيقية من ألّا تتمكن بيروت من تحقيق هذه العودة بالشروط التي تريد، أي “اليوم قبل الغد”!

فإذا سلّمنا جدلًا أن التنسيق مع دمشق في ملف النزوح (وهو موجود منذ سنوات ويتولاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم) شهد تفعيلًا في الفترة المقبلة، بدفعٍ من عون، ومن خلال وزارة الدولة لشؤون النازحين ووزيرها صالح الغريب، وأن سوريا تجاوبت وقدّمت التسهيلات لتأمين العودة، فإن هذا المسار سرعان ما سيصطدم بعقبات من النوع المادي – الميداني، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.

فالمناطق التي يفترض أن يعود أهلها إليها في سوريا، وإن كانت “المدافع” سكتت فيها وباتت “آمنة”، إلا أنها مدمّرة في شكل شبه تام. فأين سيقطن النازحون؟

هذا السؤال يعيد القضية برمّتها إلى المربع الاول. سوريا تحتاج إلى ورشة إعادة إعمار، وهذه الورشة تحتاج بدورها إلى تمويل، وهذا التمويل لن يكون ممكنًا قبل التوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري. فالجهات التي ستساهم في إعادة الإعمار، أي الدول الكبرى، وأبرزها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول العربية والخليجية، أكدت مرارًا، ولا تزال، أنها لن تشارك في إعادة إعمار سوريا قبل انتهاء الحرب وإقرار حل سياسي عادل للصراع. وقد شددت واشنطن على هذا الشرط في أكثر من مناسبة، تمامًا كما الأوروبيون، حيث قالت موغيريني مطلع الشهر، خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية في بروكسل، إن “التوصل إلى حل سياسي في سوريا تحت رعاية الأمم المتحدة من الشروط المسبقة لتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد”، لافتةً إلى أن الاتحاد الأوروبي، حتى ذلك الحين، “سيواصل دعمه للدول التي تستضيف اللاجئين السوريين على أراضيها”.

هذا يعني، تضيف المصادر، أن العودة ستبقى محصورة بأعداد محدودة في الوقت الراهن، مهما حاول لبنان الرسمي الضغط لتزخيمها وتنشيطها. فحتى المبادرة الروسية لم تتمكن موسكو من تثبيتها ونقلها من الورق إلى الميدان، بفعل رفض المجتمع الدولي بأسره، التعاون معها ودفع “قرش واحد” في سوريا، قبل الحل السياسي. فهل يمكن لبيروت أن تنجح حيث أخفقت روسيا بجبروتها وقوّتها؟