IMLebanon

لبنان على أبواب اضطراب سياسي بعناوين مالية – إدارية

لن يتأخّر الاضطرابُ السياسي في العودة إلى صدارة المَشهد اللبناني بما يطرح علامات استفهام كبيرة حول قدرة رئيس الحكومة سعد الحريري على تَحَمُّل ملامح محاولات إحراجه داخل بيئته، واستطراداً مدى إمكان صمود «المساكنة» بين مسار النهوض المالي – الاقتصادي وبين الفتائل السياسية التي «تزنّر» الواقع اللبناني بعناوينها الداخلية ذات الصلة بإدارة السلطة وتوازناتها، والإقليمية المتصلة بسلوك «حزب الله» في أكثر من ساحة والموقف من النظام السوري والتطبيع معه.

وفيما كانت الأنظار شاخصة على محادثات المنسق الفرنسي لمؤتمر «سيدر 1» بيار دوكان مع المسؤولين اللبنانيين في إطار استطلاع مسار وضع مقرراته قيد التنفيذ ومآل الإصلاحات «الشَرْطية» واستكشاف مجمل آفاق الواقع اللبناني في ضوء التوزنات الجديدة في السلطة، بدا أن شعار «إلى العمل دُر وبلا مشاكل أو كيديات سياسية»، الذي رفعه الحريري عنواناً لحكومته التي «استنسختْ» خيار «ربْط النزاع» مع «حزب الله» وحلفائه في المسائل الاستراتيجية، دَخَل في «حقلِ ألغامٍ» ينذر بمرحلةٍ صعبة بحال تطوّرت عملية «التحرّش» المُمنْهجة من زاويتيْ عناوين سياسية وأخرى ترتبط بملفات مالية وإدارية.

وإذا كان عنوان التطبيع مع النظام السوري من بوابة ملف عودة النازحين أو سواه يخضع لمحاولاتِ النأي به عن مجلس الوزراء وتَفادي جعْله «صاعقاً تفجيرياً» لورشة النهوض التي ما زالت تتلمّس طريقَها، فإن مسارَ مكافحة الفساد الذي استوجب فتْح «دفاتر» ذات صلة بمالية الدولة و«خروقِ توظيفٍ إدارية» يشي بأنه سيتحوّل «حلبةَ ملاكمةٍ» سياسية في ظلّ مؤشراتٍ، لا تُخْفيها أوساطٌ مطلعة ولا قريبون من تيار «المستقبل» (يقوده الحريري)، إلى منحى لتصويب هذا العنوان في اتجاهاتٍ تُخْفي وراءها نية تصفية حسابات سياسية مع مرحلة سابقة، وهو ما تعبّر عنه الحملة على الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة من بوابة ما يُعرف بقضية إنفاق الـ 11 مليار دولار (بين 2005 و 2009) والتي يقودها «حزب الله» على تخوم ملف الحسابات المالية للدولة (بين 1993 و 2013) والتي تنطوي في جانب آخر منها على استهدافٍ ضمني لمرحلة حكم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومشروعه الإعماري – الاقتصادي.

وفيما يتولى الرئيس السنيورة الردّ بالحقائق والأرقام على «افتراءات حزب الله» مع إضاءةٍ سياسية على خلفيات الحملة عليه، مضى الحزب في «هجومه» الذي «يختبئ» وراء ملف الحسابات المالية للدولة الذي حَمَلَه نائبه حسن حسن فضل الله أمس إلى المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، معلناً «تقدّمتُ بإخبار لدى النيابة العامة المالية في شأن الحسابات المالية للدولة وقدّمت للقاضي إبراهيم ما لديّ من مستندات ووثائق، موضحاً «أن مطلبنا ان نصل إلى الحقائق الكاملة ونحن لم نتّهم ولم نُسمّ أحداً ومَن يُرِد أن يبرئ نفسه فليذهب إلى القضاء، والمرتكب يتحمّل بشخصه مسؤولية عمله وأي ارتكاب لا يتحمّله حزب او تيار او طائفة».

وكانت تقارير نقلتْ عن مصادر «المستقبل» أن الرئيس الحريري مستاء جداً من الاتهامات التي تطاول السنيورة، وأن في الأمر استهدافاً مباشراً لـ «تيار المستقبل» كانت بوادره لاحت أيضاً مع إبطال المجلس الدستوري نيابة عضو الكتلة النائبة ديما جمالي الأسبوع الماضي، وهو ما عَكَس مخاوف أوساط سياسية من وجود اتجاه للمزيد من تهشيم الحريرية السياسية «مع العدّ التنازلي لإصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الأحكام الغيابية بحق أربعة من «حزب الله» في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وعلى وقع هذه التوترات المرشحة لتتحوّل «بقعة زيت»، انعقد مجلس الوزراء برئاسة الحريري وبجدول أعمال عادي، في جلسةٍ بدت أشبه بـ «وقت مستقطع» بعد جلسة «المتاريس» السياسية في قصر بعبدا الأسبوع الماضي.