IMLebanon

ظريف يعود إلى الديبلوماسية وسليماني إلى… خرائطه

كتب إيليا ج. مغاير في صحيفة “الراي” الكويتية:

من الطبيعي جداً ألا يكون وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف صانع القرار الوحيد في السياسة الخارجية، لأن الجمهورية الإسلامية في وضعٍ يشبه الحرب مع دول المنطقة المحيطة والغرب.

فقرار نقل المعركة إلى داخل إيران والحصار الأميركي وَضَع البلاد في حال شبه حرب دائمة. علاوة على ذلك، فإن الدستور الإيراني يوجب دعم جميع المضطهَدين في العالم. ويقع هذا الدور على عاتق الحرس الثوري – لواء القدس تحت قيادة اللواء قاسم سليماني المخوّل بدعم هؤلاء بغض النظر عن عقيدتهم أو دينهم ما دام الهدف المشترك حاضراً ألا وهو محاربة هيمنة أميركا ووجود قواتها في الشرق الأوسط.

وتتمثّل مهمة القيادة العامة للحرس الثوري في حماية قيمة وإنجازات الثورة ودعم وتكامل الجيش والقوات الأمنية والحدودية الإيرانية للوقوف ضدّ الأخطار الداخلية والخارجية. وقد تواجدت آثار الحرس الثوري الإيراني – لواء القدس في الحروب الشرق أوسطية وغيرها ولا سيما العراق وسورية واليمن ولبنان. ولذلك اقتصر دور وزارة الخارجية على المساعدة في صوغ السياسة الخارجية للأمة وتمثيل مصالح البلاد. إلا أن جواد ظريف له وضْعٌ مختلف عن أي وزير خارجية عادي.

فظريف يُعتبر أحد أعمدة الديبلوماسية التي تدافع بشدّة عن المصالح الإيرانية في الساحة الدولية. وهو يُصنَّف في الداخل كأحد أنجح الوزراء الذين لعبوا دوراً مهماً بالوصول إلى الاتفاق النووي في عهد باراك أوباما وبإفشال قمة وارسو الأخيرة لدونالد ترامب. ووزير الخارجية من المقرّبين من علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد للشؤون السياسية وهو محل تقدير وثقة من السيد علي خامنئي.

وتعتقد مصادر مطلعة بان ظريف مرشح قوي لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة وخصوصاً بعدما ازدادت شعبيته داخلياً في أعقاب الاستقالة.

وقدّم ظريف استقالته بعد زيارة الرئيس بشار الأسد لطهران. وقد تعامل سليماني مع الزيارة بكتمان شديد إذ أبقى توقيتها سراً حتى عن الرئيس حسن روحاني الذي أُبلِغ قبل ساعةٍ واحدة فقط من وصول الأسد. ولم يَعلم إلا عدد قليل من الأشخاص بتفاصيل الزيارة، إذ اعتبر سليماني أنها جزء من أَمْنِيات الحرس الثوري الذي أشرف على دعم الحكومة السورية وتقديم المستشارين العسكريين والطلب من الحلفاء من لبنان والعراق وباكستان وأفغانستان ودول أخرى المشاركة في الحرب السورية لإفساد خطة تغيير النظام.

أما عن الدعم المالي فيتمّ تخصيصه من موازنة الدولة والحكومة الإيرانية ضمن موازنتها السنوية. حتى موازنة الحرس الثوري تمرّ عبر روحاني الذي سبق أن رفض في بعض الأحيان زيادتها عند إنفاقها كلها قبل انتهاء السنة المالية.

فعلى سبيل المثال، حَصَلَ أن زجّ «حزب الله» اللبناني – الذي يخضع لموازنة وزارة الخارجية والحرس الثوري – بقوات مفاجئة في سورية لمتطلّبات المعركة. وهذا يعني، باللغة العسكرية – المالية، المزيد من القوات والدعم الغذائي واللوجستي والذخيرة وبَدَل السفر للمقاتلين. وقد رفض روحاني زيادة موازنة الحرس لأن لديه القرار الرئاسي.

ما حدَث لظريف لم يكن فقط بسبب زيارة الأسد، بل كانت الزيارة القشة التي قصمت ظهر البعير… إذ تعرّض روحاني وفريق عمله لانتقادات شديدة بسبب الصفقة النووية التي ألغاها ترامب.

وتَعتبر المعارضة أن الإتفاق لم يأتِ بجديد ولا بربحٍ للجمهورية الإسلامية بل فَرَضَ المزيد من العقوبات على إيران وسحب منها وقف أجهزة الطرد النووي من دون مقابل. وها هي أوروبا ترفض العقوبات ولكنها لا تفعل شيئاً جديراً بالذكر في المقابل لأنها ضعيفة أمام الإدارة الأميركية. وفي رأي هؤلاء أنه كان من الخطأ التسليم والوثوق بأميركا وخصوصاً ان السيد خامنئي كان حذر روحاني من أنه لا يجب أبداً إعطاء الثقة لأميركا قبل مجيء ترامب. ويرى معارضو روحاني (وظريف) أن العالم يستمع ويخاف من القوي وأن القدرة النووية هي التي تفرض إيران على أميركا وتمنعها من الغطْرسة الاقتصادية والعقوبات المتنوّعة.

ومع ذلك، فإن إيران تمضي قدماً وتسير، وقد قفز منها ظريف ثم عاد. والأسد دعاه لزيارة سورية وسيستقبله الوزير وليد المعلّم لمناقشة السياسة العامة وبعد ذلك يعود كل واحد منهم إلى عمله، ويذهب سليماني مع الأسد لدرْس الخرائط لأن إدلب ودير الزور لا تزالان محتلّتيْن ولأن الحرب لم تنتهِ بعد.