IMLebanon

فرنسا للبنانيين: أوقفوا الدلع والتزموا المطلوب!

لعل أكثر المصطلحات تداولاً في تصريحات وبيانات المسؤولين اللبنانيين في الآونة الأخيرة، عبارتا مكافحة الفساد و”سيدر” اللتان تتصدران واجهة انشغالاتهم ومهماتهم، وأن محور عملهم السياسي منصبّ حول تحقيق هذين العنوانين بما يتلاءم ومعايير الشفافية وتطبيق القوانين التي تسبقنا فيها الدول المتحضّرة وبأشواط.

إلا أن “سيطرة” هذين العنوانين على الحياة السياسية اليومية وتحوّلهما إلى “ترانديغ” لانطلاقة عصر الشفافية ووقف الهدر وتخفيف النفقات، لا تعكس حقيقة الواقع لا بل ينطبق عليهما المثل القائل “إقرأ تفرح جرّب تحزن”. أكثر من لمس صحة انعكاس هذا المثل على الواقع اللبناني هو المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة قرارات مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكين في خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، إذ تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” أن “السفير دوكين الذي سيعود إلى بيروت قريباً غادر “ممتعضاً” من نتائج لقاءاته ومشاوراته مع المعنيين بتنفيذ مقررات “سيدر”.

ففي وقت تجهد فرنسا على رغم التحديات التي تواجهها في الداخل من خلال “السترات الصفر” والخارجية الأوروبية على وقع “بريكست”، لإطلاق قطار “سيدر” ووضعه على سكّة التنفيذ من أجل نهضة الاقتصاد اللبناني ومدّه بجرعات أوكسيجين، يتعاطى اللبنانيون مع الملف بقلة جدية وكأن شيئاً لم يكن وأن الأرقام والتحذيرات التي تصدرها المؤسسات الدولية الخاصة بالتصنيفات لا تعدو كونها كلاماً بكلام.

وتنقل المصادر أن “أكثر ما فاجأ دوكين هو طلب المسؤولين اللبنانيين تغيير مندرجات “سيدر” بحيث يتم تبديل معظم القروض إلى هبات بعدما كان ينقسم إلى جزءين: واحد مرتبط بقروض ميّسرة طويلة الأجل وأخر لهبات.

وهذا ما أزعج السفير الفرنسي وترك لديه انطباعاً بعدم مسؤولية اللبنانيين في التعاطي مع “سيدر”، إذ كيف يطالبون بتحويل القروض إلى هبات في وقت لم يقدموا على أي خطوة جدّية لتنفيذ إصلاحات “سيدر”.

ولفتت المصادر الدبلوماسية إلى أن “الاليزيه الذي لم “يُقصّر” يوماً في مساعدة لبنان ويتعاطى معه بصفة “الأم الحنون” بدأ يُشكك بجدّية الجانب اللبناني في الإيفاء بما التزم به في مؤتمر باريس، خصوصاً لجهة سلوك مسار الإصلاحات الفورية المطلوبة منه. فكل الكلام اللبناني عن وقف الهدر والفساد وعصر النفقات، يتبخّر في الهواء السياسي إذ تكفي العودة إلى خطابات القوى السياسية المشاركة في الحكومة لجهة خفض عجز الموازنة، وفي المقابل يتّخذون قرارات تزيد الأعباء على الخزينة كإعطاء زيادات للأساتذة المتمرّنين ليتأكد الفرنسيون أن الحكومة اللبنانية غير جدّية في التعاطي مع متطلّبات “سيدر”.

ولفتت المصادر الى “ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بات مُحرجاً جداً تجاه الدول المانحة التي جهد لاقناعها كي تستثمر في “سيدر” وبالتالي لتساعد الاقتصاد اللبناني، لاسيما وان السفير دوكين وضعه في اجواء عدم جدّية اللبنانيين في التعاطي مع المؤتمر الباريسي، فبدل ان يساعدوا انفسهم بالالتزام بالمطلوب منهم يفاوضون لتحويل القروض الى هبات، وهذا يعكس اللامسؤولية في تعاطيهم مع ملفات حسّاسة لمؤتمر “سيدر” الذي يُشكّل فرصة ذهبية للبنان لانقاذ اقتصاده”.

ونقلت المصادر الدبلوماسية عن “أوساط في الكي دروسيه قولها: على اللبنانيين أن يوقفوا “الدلع” ويتعاطوا بمسؤولية مع “سيدر”، وإلا ستضيع الفرصة ومعها البلد من بين أيديهم وعندها لن ينفع البكاء على الأطلال”.

على أي حال، يتوجّه إلى باريس الأسبوع المقبل الرئيس سعد الحريري في زيارة خاصة لم تستبعد المصادر الدبلوماسية أن يُجري على هامشها اتصالات ولقاءات مع المسوؤلين الفرنسيين لها علاقة بـ”سيدر”.

كذلك، يتوجّه رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط إلى فرنسا في الساعات المقبلة في زيارة خاصة أيضاً قد تشهد على هامشها لقاءات رسمية تتمحور حول تنفيذ مقررات “سيدر”.