IMLebanon

تقلبات “دراماتيكية” في المشهد السوري منذ اندلاع الثورة

في درعا، مهد الثورة السورية، تظاهر المئات من سكان المدينة الواقعة جنوبي البلاد، رافضين إعادة تمثال للرئيس السابق حافظ الأسد ونصب له إلى المكان نفسه الذي أزاله المتظاهرون منه عام 2011. وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شبانا ورجالا يسيرون خلال التظاهرة وآخرين على دراجات نارية يرددون شعارات عدة بينها “عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”، و”بالروح بالدم نفديك يا شهيد”.

اللافت أن التحرك الشعبي هذا يأتي عشية ذكرى انطلاق الثورة السورية في 15 آذار 2011، وأن هذه التظاهرات هي الأولى بهذا الحجم منذ خسارة المعارضة سيطرتها على جنوبي سوريا في تموز 2018. وتعقيبا، قال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة نصر الحريري، عبر “تويتر”: “ماذا عسانا نقول لمثل هؤلاء الذين يقبعون تحت سلطة الحديد والنار ويخرجون بكل جرأة وشجاعة وبسالة مطلقين شعارات الثورة الأولى؟”. وأضاف: “بعد سنين من العذاب والمعاناة والقتل والتشريد والتدمير، ربيع سوريا يزهر ثانيةً”.

وفي وقت يُتوقّع أن تقيم المعارضة السورية مؤتمرَها السنوي في الذكرى الثامنة للثورة، في انطاليا في تركيا، في 14 الجاري (علما ان هذا التاريخ غير نهائي بعد)، في مناسبة ستعيد خلالها تأكيد ثوابتها للحل في سوريا وتقوّم مسار الامور في البلاد، ميدانيا وسياسيا، تقول مصادر ديبلوماسية، لـ”المركزية”، إن المشهد السوري شهد تقلبات دراماتيكية على مر السنوات الماضية، بدأت مع تحول الثورة السلمية حربا مسلحة، مرورا بدخول قوات أجنبية الى البلاد-أبرزها الايرانية- وصولا الى الصورة المعقدة التي بات عليها اليوم.

وإذ تشير الى ان البلاد باتت ساحة لصراع القوى الاقليمية والدولية الكبرى، وتكاد تتمزق كانتونات تديرها هذه العواصم، تلفت الى ان العين اليوم على منطقة الشمال السوري، بعد ان ضمنت تفاهمات كبرى في الاشهر الماضية، شارك فيها الروس والاميركيون والاسرائيليون والاردنيون، وضعَ الجنوب السوري تحت الاشراف الروسي- الاميركي، وإبعادَ النفوذ الايراني والنظامي السوري ايضا عن هذه البقعة، حماية لأمن الكيان الاسرائيلي.

ففي الشمال، تتطلع تركيا الى خلق منطقة آمنة تكون تحت سيطرتها. غير ان هذا الاقتراح الذي توافق عليه مبدئيا الروس والاتراك، تعارضه دمشق (حيث أعادت منذ اسابيع تفعيل نشاطها العسكري في المنطقة خارقة اتفاق وقف التصعيد) مدعومة، وإن في شكل غير مباشر من الإيرانيين.

ومن هنا، تنتقل المصادر لتضيء على تحوّل آخر في الملف السوري، يتمثّل في ابتعاد النظام عن روسيا وتقاربه من ايران، التي بدورها بردت علاقاتُها بموسكو، حتى بات حلفاء الامس شبه متخاصمين اليوم، وقد انقسموا على أنفسهم.

وبحسب المصادر، تتركّز الجهود الدولية عموما، والروسية خصوصا، اليوم على محاولة فك ارتباط بشار الاسد بطهران (فيما الاخير يرى ان ايران تضمن حتما بقاءه في السلطة على خلاف الروس)، لتتمكّن التسوية المنتظرة للنزاع، من ابصار النور. أما اذا استمر هذا التلاحم وأهم تداعياته، بقاء القوات الايرانية وتلك الحليفة لها في سوريا، فان الحرب ستستمر تماما كما تخبّط الحل السياسي…