IMLebanon

هل سقطت الحكومة قبل أن تقلع؟

الى أين تتجه الحكومة بعد مواقف ومحطات الساعات الماضية؟ وهل يمكن القول ان مجلس الوزراء آيل الى السقوط قبل ان يقلع؟ الاسئلة هذه تفرض نفسها بقوة بعد التناقض الفاقع الذي ظهر بين مكوناته إزاء الملفات اللبنانية الدسمة كلّها. والامر لا يتوقف عند هذا الحد بل يتخطاه الى اتهام بعض الحكومة البعضَ الآخر بالتخاذل ومحاولة تمرير سيناريوهات ومخططات لا تتناسب والمصلحة الوطنية العليا!

فعلى خط ملف النازحين السوريين، لم يكد رئيس الحكومة سعد الحريري ينهي كلمته في مؤتمر بروكسل 3 ظهر أمس، حتى أطلّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مساء، متحدثا بنبرة عالية قال فيها “إنني هنا اليوم ولست في بروكسل لأن مؤتمرات مثل مؤتمر بروكسل تمول بقاء النازحين ونحن نريد مؤتمرات تعيد النازحين إلى سوريا”، مشيراً إلى أن “يجب إيقاف كذبة التطبيع مع سوريا لأن المصلحة في التواصل مع الدولة السورية والإتفاق مع المجتمع الدولي”. واضاف “لا يعتقد احد انّه يقدر ان يغرينا بمساعدات مالية، او تهديدنا بحصار مالي فبالنسبة الينا “سيدر” هو رزمة اصلاحات لمصلحة بلدنا، وفي اليوم التي يستعملها احد ليفرض علينا قروضا مقابل النزوح، نجيبه: ما بدّنا لا قروضك ولا نزوحك”… وبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، بدا باسيل يلمّح الى ان مشاركة الرئيس الحريري في المؤتمر، تُعتبر موافقة ضمنية من قبله على هدف منظّميه اي إبقاء النازحين حيث هم! ولم يكتف باسيل بذلك بل تابع “باسم التسويّة لن نسكت عن احد، وباسم التفاهم والتحالف لن نتهاون مع احد فنحن نريد العهد والدولة ان ينجحا لكن ليس بابتزازنا بأن كل مرّة يفتح ملف تخرب الدنيا والعهد والوفاق، فالدولة واصلاحها اهم من اي تسوية وتفاهم وتحالف”. اما على صعيد مكافحة الفساد، فقال باسيل “صار الإبراء المستحيل قانوناً، وحَشرْنا الفساد واضطر الى أن يتغطى بالمذهبية”.

في كلمات رئيس التيار البرتقالي، سهامٌ قاسية وجّهها بالمباشر وغير المباشر الى أبرز شركائه في التسوية الرئاسية – الحكومية، سعد الحريري، والى فريق واسع من الجالسين معه على الطاولة الحكومية. ووفق ما تقول المصادر، تَكرّس أمس الخلافُ الرسمي، في شكل نهائي غيرِ قابل للترقيع، في مقاربة تحديات محلية كبرى، لا بل التحديات الاكبر، أي حل مسألة النازحين واطلاق ورشة الاصلاحات المطلوبة… فالتيار وقوى 8 آذار تريد فتح قنوات التواصل مع النظام السوري لاعادة النازحين الى بلادهم قبل الحل السياسي للأزمة. أما تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فلا ترى لدمشق اي دور في مسألة “العودة” وتطالب بالتحرك “دوليا” للدفع نحو “العودة” ومن دون انتظار التسوية السياسية ايضا. أما “ماليا”، فبدا واضحا امس ان “التيار” غير راض عن احتضان “المستقبل”، الرئيس فؤاد السنيورة، فيما التيار الأزرق يرى في اثارة الـ11 مليارا محاولة لحرف معركة مكافحة الفساد عن خطها الصحيح وتصويبها ضد فريق واحد.

فبعد الشرخ العمودي هذا بين الاطراف الحكومية، وإزاء اعلان باسيل ان “التسوية” لا يمكن ان تكون “أداة” لابتزاز التيار الوطني ودفعه الى السكوت عمّا يراه حقا، يمكن القول ان “ديمومة” الحكومة الطرية العود، في خطر قد لا تتمكّن من اجتيازه “سالمة” ما لم تنطلق سريعا اتصالاتٌ بين الرئاسات الثلاث لرأب الصدع. وبحسب المصادر، فإن “مصالح” راسِمي التسوية قد تنقذ مجلس الوزراء من السقوط في الهاوية اليوم، الا ان ذلك لن يمحو الخلافات الجذرية بينهم، ما يبشّر بتجاذبات وتباينات ستطبع العمل الوزاري في المرحلة المقبلة قد تحول دون تنفيذ الحكومة شعارَها “الى العمل” وتضع مساعدات “سيدر” في مهب الريح…