IMLebanon

عن العشاء الوحيد لوزير الخارجيّة الأميركي في لبنان

موقع mtv: 

يحلّ وزير الخارجيّة الأميركيّة مايك بومبيو وزوجته ضيفين على مائدة رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوض الذي يقيم عشاء على شرفهما مساء الجمعة في الليلة الوحيدة التي يقضيها بومبيو في لبنان.

لافت جدّاً أن يختار بومبيو تلبية دعوة معوّض من دون غيره من الشخصيّات التي سعت إلى استضافته، وخصوصاً أنّ معوض كان أقام عشاءً مماثلاً لمساعد بومبيو السفير دايفيد هيل، وبالتالي كان يمكن لبومبيو والسفارة الأميركيّة ان يعتذرا من معوض لتلبية دعوة غيره، لكنّ الخيار الأميركي كان واضحاً بدلالاته المتعددة، لا بل إنّ بومبيو أصرّ على الحضور برفقة زوجته تأكيداً على متانة العلاقة السياسية والعائلية أيضاً.

وأهمّ هذه الدلالات:

ـ إنّ العلاقة بين معوض والأميركيّين ليست وليد الساعة، وبومبيو ليس الضيف الأميركي الرفيع الأول على مائدة معوض، بل سبقته شخصيّات عدّة بينها مسؤولون عسكريّون بارزون، لكن وصل مستوى الحضور إلى مائدة معوض نائب الرئيس الأميركي سابقاً جو بايدن، كما أنّ بومبيو نفسه حلّ سابقاً في دارة معوض وكان لا يزال يومها عضو في الكونغرس.

ـ يشكّل رئيس “حركة الاستقلال” موضع ثقة لدى الإدارة الأميركيّة، أيّاً يكن الحزب الحاكم، وهذا ما سمح لـ”مؤسسة رينه معوض” أن تحظى باعتراف أميركي داخل الولايات المتحدة، كما بإعجاب الأميركيّين في لبنان، ولذلك باتوا يعتمدون عليها بشكل أساسي لتنفيذ المشاريع المموّلة من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة، وذلك تقديراً لمهنيّتها وحرفيّتها والأهم لشفافيّتها.

ـ لكن تثبيت الأميركيين واقع تقديرهم وتمييزهم لميشال معوض أخذ منحى وأبعاداً مختلفة مع وصوله إلى الندوة البرلمانيّة في ظل التحالفات التي خاض فيها الانتخابات والتموضع السياسي الذي اتخذه. فرغم العلاقة المتوترة للأميركيين مع رئيس الجمهورية ومع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الا ان العلاقة مع حليفهما الجديد ميشال معوض لم تتأثر على الإطلاق، وخصوصاً أنّ معوض لم يبدّل أياً من مواقفه الاستراتيجيّة سواء من “حزب الله” وسلاحه ومن العلاقة مع الولايات المتحدة والدول العربيّة، وسواء من الموقف من سوريا، ما أكد أنّ معوّض ثابت في مواقفه وفي علاقاته.

ـ ويشكّل حلول الأميركيّين ضيوفاً في دارة معوض للمرة الثانية في غضون الشهرين الأخيرين إشارات بالغة الدلالة تؤكّد المكانة التي بات يحتلّها معوض في المعادلة السياسيّة الداخليّة، وخصوصاً أنّ مساراً داخليّاً سبقها وتركّزت أبرز تجلياته في لقاء بكركي التي انتقلت من مفهوم اللقاء الرباعي المسيحي الى صورة اللقاء الخماسي الذي انضمّ إليه معوض كما سعى إليه البطريرك الماروني، بغضّ النظر عن توسّع اللقاء يومها لأسباب أخرى، إنما تكرّس في الصورة المعبّرة بشكل واضح لا لبس فيه.

هكذا يبني رئيس “حركة الاستقلال” موقعاً مستقلاً ذا حيثيّة شعبيّة أثبتتها الانتخابات النيابيّة الأخيرة، وأيضاً ذا حيثيّة سياسيّة اكتسبها من خلال العمل الحثيث لبناء الدولة بخلفيّة شهابيّة، وهو المنتمي الى هذه المدرسة، كما وأيضاً ببذل الجهود الممكنة لتمتين التنسيق والتعاون المسيحي- المسيحي نظراً لأهميّة هذا التعاون على صعيد الشراكة الوطنيّة.

هكذا يكون معوض تمكّن من نسج علاقاته الداخلية والخارجيّة بميزان دقيق من التوازنات المبنيّة على قاعدة صلبة وثبات في العمل السياسي الجدّي والتراكمي ما جعله ليس بقليل أبداً وهو لا يزال في بداية مسيرته السياسية!